الأمة: دخل، اليوم الخميس 30 كانون الثاني/يناير 2025، قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي القاضي بقطع جميع علاقاتها مع “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – أونروا”، وأي هيئة تحلّ محلها، حيز التنفيذ،
حيث طالبت سلطات الاحتلال بوقف أنشطة الوكالة وإخلاء جميع منشآتها في القدس خلال 48 ساعة.
تحذيرات من تداعيات القرار
وحذر خبراء ومراقبون من أن المساس بوجود “أونروا” يُعدّ خطوة خطيرة ضمن محاولات تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدين أن الوكالة تلعب دورًا حيويًا في توفير الرعاية الصحية والتعليم للاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
كما أشاروا إلى أنها وفرت نحو 60 بالمئة من المواد الغذائية التي دخلت إلى غزة منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويحظر القرار الإسرائيلي على “أونروا” العمل داخل ما يصفه الاحتلال بـ”الإقليم السيادي لدولة إسرائيل”، كما يمنعها من إقامة مكاتب تمثيلية أو تقديم خدمات داخل ما يُعرف بـ”الأراضي الإسرائيلية”.
استغلال الظروف لإنهاء عمل الوكالة
وفي هذا السياق، قال المختص في شؤون اللاجئين ياسر أبو كشك، في حديثه لـ”وكالة قدس برس”، إن الاحتلال “استغل التطورات المتسارعة لتمرير مخططاته الرامية إلى إنهاء عمل أونروا، وسط تأييد غربي، لا سيما من الولايات المتحدة والدول الأوربية “.
وأضاف بأن حكومة الاحتلال سارعت إلى “شيطنة الوكالة عبر اتهامها بدعم الإرهاب وتوظيف أشخاص تصفهم بالإرهابيين، ما دفع العديد من الدول إلى وقف تمويلها وتقليص دعمها دون التحقق من صحة هذه الادعاءات،
وكأن الوكالة هي التي عليها الدفاع عن نفسها بدلًا من أن يتحمل الاحتلال مسؤولية إثبات مزاعمه”.
وتابع أبو كشك قائلًا: “الاحتلال يسعى إلى إنهاء قضية اللاجئين من خلال إيقاف عمل أونروا، وهي خطوة استراتيجية تحتاج إلى وقت وصراع طويل على المستويات المحلية والإقليمية والدولية”.
مصادرة الأراضي والمنشآت
وأوضح أن سلطات الاحتلال بدأت فعليًا بوضع يدها على أراضي “معهد قلنديا” المحاذي لمخيم قلنديا بهدف بناء حي استيطاني جديد،
إضافة إلى السيطرة على مدارس وعيادات أونروا في المخيم، ما سيؤدي إلى إنهاء وجود المخيم وتحويله إلى تجمع سكاني دون حقوق مدنية أو مواطنة.
وأردف: “كما سيستولي الاحتلال على مقر أونروا في حي الشيخ جراح، ويخطط لإنشاء حي استيطاني جديد هناك، بالإضافة إلى السيطرة على عيادة الوكالة عند باب الساهرة ومدارسها في مناطق مثل سلوان، وادي الجوز، وصور باهر، وتحويلها إلى بؤر استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية.
ويمتد هذا المخطط إلى مؤسسات الوكالة في مخيم شعفاط، حيث يسعى الاحتلال إلى تحويله إلى حي تابع لبلدية القدس مع تغيير اسمه، وهو ما يُعدّ قفزة خطيرة في مشروع تهويد المدينة”.
تأثير القرار على الضفة الغربية
من جهته، ركّز الناشط في قضايا اللاجئين أحمد حمودة على تأثير القرار على الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن “أونروا” تدير أكثر من 95 مدرسة تقدم التعليم الأساسي لأكثر من 50 ألف طالب وطالبة، إلى جانب العيادات الصحية ومراكز الأمومة والطفولة التي توفر الرعاية الطبية الأساسية للسكان.
وأوضح حمودة لـ”وكالة قدس برس” أن القرار سيجعل الوكالة عاجزة عن تقديم خدماتها في الضفة الغربية، حيث يحتاج موظفوها – وخصوصًا الدوليون – إلى تصاريح دخول من الاحتلال،
وهو ما سيصبح مستحيلًا بعد نزع الصفة القانونية عن الوكالة. كما أن الوكالة ستواجه صعوبات في إدارة مواردها المالية والمادية، ما يهدد بتوقف عملها بالكامل.
وأضاف: “الضفة الغربية هي الهدف الأساسي لليمين الإسرائيلي، الذي يسعى إلى ضمها وفرض السيطرة عليها. وللأسف، لا نعترف بحجم هذه المخاطر، ونُدفع إلى تجاهلها بفعل العواطف والأحلام”.
وأشار إلى أن الضفة الغربية تضم أكثر من 1.1 مليون لاجئ، يعيش نحو 300 ألف منهم داخل المخيمات، التي شهدت هجرة عكسية نتيجة تراجع خدمات الوكالة وتقليص الدعم الدولي، فضلًا عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، بما في ذلك عمليات القتل، التهجير، والتدمير.
ونوّه حمودة إلى أن الدول العربية رفضت لعقود تقديم أي دعم مالي لـ”أونروا”، معتبرةً أن مسؤولية دعم اللاجئين الفلسطينيين تقع على عاتق الغرب، باعتباره مسؤولًا عن نكبة الشعب الفلسطيني وما ترتب عليها.
تحذيرات دولية من تداعيات القرار
من جانبه، حذّر المفوض العام لـ”أونروا”، فيليب لازاريني، من أن “الحظر الإسرائيلي لأنشطة الوكالة يضع مصير ملايين الفلسطينيين على المحك”،
مشددًا على أن “الهجوم المتواصل على أونروا يهدد حياة ومستقبل الفلسطينيين، ويقوّض ثقتهم بالمجتمع الدولي، ويعرض أي احتمالات للسلام والاستقرار للخطر”.
وأكد لازاريني أن الوكالة توفر أكثر من 17 ألف استشارة طبية يوميًا في الأراضي الفلسطينية، وأن وجودها يعدّ ضمانًا للاستقرار.
كما شدد على أن “وقف عمل الوكالة سيؤدي إلى تدهور خطير في قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية في وقت تتزايد فيه الحاجة إليها”.
وختم بالقول: “إذا توقفت أونروا عن حماية اللاجئين الفلسطينيين ومساعدتهم، فإن حقوقهم ستصبح في خطر، لذا يجب ضمان استمرار عملها، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي قائم على حل الدولتين”.