د. أسامة الأشقر يكتب: رسالة إلى قيادة مصر الجديدة!
1- انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية، وبعد نحو سبعين يوماً من الحرب الطاحنة فما يزال معبرُ الأمل الوحيد إلى مصر في رفح مغلقاً عملياً لكنه مفتوح على مصراعيه في التصريحات الإعلامية، وإذا فتحوه فإنه بين التأجيل والتعليق والواسطة يمشي بطيئاً ثقيلاً ما يلبث أن يغلق، وكأنّ حرباً لم تقم، وكأنّ المسافرين في صحّة تامة وهم على أبواب الموت الداهم.
2- القيادة المصرية واثقة من أنّ تهجير قطاع غزة إلى سيناء أصبح مساراً عملياً إسرائيلياً، وأنّ ذلك يتم بموافقة أمريكية رغم تحذير مصر الشديد بأن هذا خطر على الأمن القومي لمصر.
3- ومع ذلك فلم تفعّل مصر أيّ إجراء سياسي وقائيّ لحماية أمنها القوميّ، واكتفت بإجراءات أمنيّة تستهدف تشديد العقوبة على اللاجئين الفلسطينيين المنكوبين وزيادة الضغط عليهم وخنقهم خلف خط حدودها حيث تحاصرهم النيران الإسرائيلية.
4- في لحظة ما لن يحتمل عامّة الناس المشرّدين الجائعين مشاهد الموت الذي يفتك بالضعفاء والمصابين والكبار والأطفال، ولن يتحملوا التجويع والتعطيش المتعمّد وسياسة الأرض المحروقة وتخريب كل المرافق من مساجد ومدارس ومستشفيات ومصانع ومزارع، وقد يتحركون إلى الحدود بحثاً عن مخرج، ولن يبالوا بمخاوف السياسة، وسيرفعون شعار أنّ الأرض لله.
5- وتعْلم القيادة المصرية أن “إسرائيل” سترمي أزمتها إلى الحضن المصري، وتريد أن تنقل ميدان المعركة إلى مصر، وهي لا تبالي بعد ذلك بأي شيء آخر، فقد تعودوا أن هذه الأزمات ستحلّ في النهاية بمزيج من الوعد والوعيد وفرض الأمر الواقع.
6- وتعلم القيادة المصرية أن الشعب الفلسطيني عنيد ومسيّس ومدرّب وعقائديّ، ولن يتخلى عن وطنه ووطنيّته، وبالتالي فإن إخراجه من أرضه يعني أنه سينطلق من أيّ مكان صوب عدوّه ليقاتله، ولن يوقفه أحدٌ مهما بلغت سطوته.
7- وإذا وافقت قيادة مصر على مبدأ التهجير ولو بوجه من الوجوه فهذا يعني أنها ستعمل على ضبط الواقع الجديد والتحكّم فيه، وهذا يعني أنها ستستخدم القوة لفرض الانضباط داخل أرضها، وستكون بمثابة جهاز بالوكالة صار يعمل نيابة عن جيش الـاحـتــلال في مواجهة الفلسطينيين، وهو أمر لا تريده القيادة المصرية بأيّ صورة.
8- وهذا يعني أنه ليس أمام القيادة المصرية إلا أن تسارع إلى فرض وقفٍ إجباري لإطلاق النار على خط حدودها على الأقل، وتستخدم أقصى ما لديها من نفوذ عسكري وأمني وسياسي وإعلاميّ، وتفتح المعبر لدخول الشاحنات إلى المنطقة الآمنة حتى لا تتحرك الجماهير باتجاهها.
9- إن أيّ تأخير جديد في تفعيل برنامج الطوارئ القصوى في المستوى الاستراتيجي المصري فإن ذلك يعني أن قيادة مصر تفتقر إلى أركان السيادة الوطنية أو أنها متواطئة.
10- ويبقى الموقف الأعلى الذي ترجوه الأمّة من مصر أن تكون في صف نضالات هذا الشعب بدعمه وإسناده وأن تؤمِّن ظهره وتحميه إن لم تقُد هي معارك التحرير الكبرى التي جعلتها يوماً من أسياد المنطقة الكبار.