
الأمة: الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتي العام للقارة الأسترالية يوجه رسالة للمسلمين في عيد الفطر المبارك يحول التحديات والمخاطر التي تواحههم يقول فيها :
السادة والسيدات: السلام عليكم ورحمة الله وبعد دينكم يواجه كثيرا من التحديات التي تحاول أن تحجب نوره وتعيق حركته وتوقف نشاطه حتى تمنع قيم الهداية والنور فيه من الانطلاق لعقول الآخرين وقلوبهم.
ونماذج هذا التحدي كثيرة ومتنوعة وأنتم خير من يرصدونها ويعرفونها.
أساليب هذا التحدي تفتقد الدليل والمنطق، لكنها تملك أدوات العصر وآلياته وتوظفها بذكاء خطيرومؤثر.
في مقدمة تلك الأليات إعلام الغواية الذي يلبس ويدلس ويختار مقاطع يقطعها عن سياقها ويقدمها
في محاولات بائسة ويائسة ليلصق بالدين عكس ما جاء من أجله.
ويصوره على أنه دين يخاصم الحياة والحضارة ويهدر قيمها الجميلة ويروع الإنسان ومن هنا ينشأ ما يعرف بالإسلاموفوبيا لدى الآخرين رغم أنهم ضحايا الغش الثقافي وضحايا غيابنا نحن عن الساحة والتأثير في ميادينها العلمية وبشكل شبه كلي.
ولذلك نحتاج أن نقدم الإسلام في صورته الحقيقية، لا كما تصوره دوائر المكر السيئ، ودوائر الشرور والكراهية .
ولتصحيح الصورة وإنقاذ الضحايا من وهم الخوف من الإسلام دينا وأتباعا نحتاج أن نعيد النظر في صياغة
أساليب دعوتنا لتنفي عن الدين الحق وعن المسلمين تهمة الشراسة والعنف والعدوان.
لذلك أرجوكم في تواضع من يعرف أقداركم ويثمن جهودكم أن تقدموه بصفاته ورسالته الحقيقية :
• قدموا الإسلام مؤسسا للحضارة الإنسانية، وحاضنا للعلم، وراعيا للعقل البشرى وحاميا للحريات.
• قدموه ضامناً لكرامة الإنسان – كل الإنسان.
• قدموه نصيراً للمظلومين وخصما للظالمين ورادعا للمعتدين.
• قدموه عدواً للفقر والمرض والجوع، وكل ما يذل كرامة البشر ويهين إنسانيتهم.
• قدموه كما هو منهجا للعدل وحماية للناس وعمارة للكون.
• قدموه صديقاً للمنطق لا نقيضاً له، وباعثاً يوسع دوافع الخير في الناس والأشياء، ويقلص دوافع الشر ويحاصرها في الناس والأشياء.
• قدموه منقذا للأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة.
• قدموه أملا لا يعرف الإحباط أو اليأس، ووعدا لا يعرف الخلف، ومروءة لا تتخلى عن الواجب أبدا.
• قدموه رجولة تحمي الكرامة والشرف، وبطولة تحمي الحرية والأوطان.
• قدموه دعوة لسعادة الحياة لا لشقائها، فقد قال ربنا لنبيه ومصطفاه” طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى “.
• قدموه هداية للناس وبشرى لهم بحياتين سعيدتين، واحدة هنا والأخرى في الجنة، فقد قال ربنا لنبيه ﷺ
” تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين”.
• قدموه دعوة إلى العقل ليفكر فيهتدى.
• ودعوة إلى القلب ليؤمن فيطمئن.
• ودعوة إلى اليد لتعمل وتنتج وتبدع فتكتفي.
• ودعوة إلى اللسان ليكف أذاه ويعف، فلا ينطق إلا حقا، ولا يقول إلا صدقا.
· ودعوة إلى الإرادة لتتحرك فتتحرر.
• ودعوة إلى النفس لتتزكى وتتطهر فتعلو وتسمو.
• ودعوة إلى الروح لتبقي من أمر ربها فلا تتلوث.
• ودعوة إلى وجدان الإنسان ليمتلئ حبا وفرحا.
• ودعوة إلى مجتمع الدنيا ليدخل في السلم كافة، فينعم بالحرية، والكرامة، والسلام، والأمن..
• قدموه بناء للحياة لا هدما لها، وعمارة للكون لا تخريب له، وصلاحا للوجود لا إفساد فيه.
• قدموه أدباً رفيع المستوى، وعفة لا يخدشها فجور، وسمواً يرفض السقوط والتدني، وشرفاً يرفض المساومة ويأبى المتاجرة، وأن يباع أو يشترى.
• قدموه عزة ترفض الخضوع والخنوع والذل.
• قدموه ولاء لله لا يباع بمليء الأرض ذهباً، ولا يتخلى صاحبه ولا بسعة الأرض حراباً وعذاباً
• قدموه جهادا لإعلاء كلمة الله تحريرا للضعفاء من سطوة الطغاة والمستبدين، وضمانا للعدالة وحماية
للكرامة الإنسانية.
• قدموه مقاومة حرة ترفض الاحتلال وتقاوم الإذلال وسرقة الأوطان وسحق الآدمية.
• قدموه دعوة للسلام ترفض الحروب وتدين وتحاكم تجارها وسماسرتها، ودعوة للأمن ترفض العنف والإرهاب وترويع الناس.
• قدموه واحة للمحبة وساحة مفتوحة الميدان للفكر والثقافة، وكل ما يرقي الإنسان ويطهر وجوده ويصحح رسالته ويرشد دوره.
• قدموه منهجا للنظام والضبط الإداري العظيم عجزت عن إبداع مثله كل أنظمة الحياة القانونية والأمنية.
• قدموه منهجاً لاستثمار الطاقات الإنسانية ودافعاً لقوى الإبداع فيها لتتقدم وتجدد وتضيف.
قدموه منهجا يفتح كل ساحات الحياة ليجعلها ميادينا للطاعة والعبادة بإتقان العمل وزيادة الإنتاج ورفع الكفاءة، فقد قال نبينا ﷺ “جعلت لي الأرض مسجدا”.
• قدموا الإسلام رحمة تعالج شقاء البشر، وعلاجا يضمد جراحهم ويشفي آلامهم.
• قدموه زهورا تملأ الأرض عطرا وتحول القيظ ربيعا.
• قدموه فكرا يطهر الأرض من جراثيم الاستبداد، ويحول صحراء العقول الجامدة إلى روضات وجنات.
• قدموه دينا يملأ الوجود بالحياة والحركة، ويملأ العقل الإنساني بالمعرفة والعلم ويبنى القلب والوجدان بإيمان راسخ، يربط بين الأرض والسماء. ويمزج بين عالم الغيب وعالم الشهادة، ويزاوج بين قوة المادة وطاقات الروح، ويحمي الحضارات بسياج الأخلاق والشرف وتحقيق العدالة، ولا يتخلى أبدا عن الولاء لله، مهما كانت الصعاب والتحديات.
• قدموه منهجا يحمي مشاعر كل الناس، ويفيض عطفا على الجيران في المسكن. والصاحب في السفر، والجليس في القطار والزميل في العمل والشريك في كل مرافق الحياة.
• قدموه صديقا للإنسان يجبر كسره إذا أخطأ، ويقيل عثرته إذا تعثر، ويمسح التراب عن وجهه إذا سقط، ويأخذ بيده ليعاود الوقوف من جديد، ويمنحه بالتوبة دورا جديدا مليئا بطهر الحياة وشرفها.
• قدموه منهجاً يرى: في الزهرة جمالاً ينبغي ألا يدمر.
ويرى في القيم جمالاً ينبغي ألا يهمل.
ويرى في الحرية جمالاً ينبغي ألا يصادر.
ويرى في العدل جمالاً ينبغي ألا يغيب.
ويرى في العزة جمالاً ينبغي ألا يهان.
ويرى في المساواة جمالاً ينبغي ألا يحقق.
ويرى في الأخوة جمالاً ينبغي ألا يزول.
ويرى في الاستقامة جمالاً ينبغي ألا يلوث.
ويرى في الشرف جمالاً ينبغي ألا يهدد أو يستباح.
ويرى في الكرامة جمالاً ينبغي ألا يسلب.
، ويرى في العمل الجاد جمالاً ينبغي ألا يحقر.
، ويرى في الإبداع البشرى جمالاً ينبغي ألا يبدد.
، ويرى في عمارة الكون وترقية الحياة جمالاً ينبغي ألا يهمل.
ويرى في الإنجاز العلمي جمالاً ينبغي ألا يكافأ.
,ويرى في الأداء العالي جمالاً ينبغي ألا يضيع.
ويرى في الإنسانية جمالاً ينبغي أن يكرم وألا يُذَل.
ويرى في الطفولة جمالاً ينبغي ألا يفزع أو يروع.
ويرى في حماية الدماء والأموال والأعراض جمالاً ينبغي ألا يهدر أو يراق.
هكذا هو دينكم، فامزجوه بفكركم وسلولكم لتتحول حركتكم إلى عصارة حية تخضر بها عقول الأجيال القادمة، وتتفتح بها زهور المستقبل الواعد لوطننا وأمتنا وإنسانيتنا.
قدموه سلاما يملأ الآفاق بتراتيل المحبة، ويزين الأرض والسموات بأكاليل السلام.
قدموه حبا يحتضن الدنيا، ونهارا لا يعرف ليلا.
قدموه رحمة للعالمين.. يرحمني ويرحمكم الله.
طاعة مقبولة وعيد كم مبارك وكل عام وأنتم بخير.
المفتي العام للقارة الأسترالية