الأثنين مايو 20, 2024
مقالات

د. عاطف معتمد يكتب: «أفيون الشعوب»

سواء اتفقت أو اختلفت مع أطروحة عباس محمود العقاد هنا، فإن المتعة مضمونة، والفائدة كاملة التحقق عبر 140 صفحة هي قوام هذا البحث الرائد الجريء الذي يحوي عاصفة هجوم في عام 1954 في وقت مبكر للغاية من معرفة المفكرين العرب بمصير ومآل الماركسية.

أنت ببساطة أمام قلم يشن طلقات رصاص في وسط الدائرة المركزية على دعاة الماركسية، ويستخدم نفس أسلحتهم.

وأول طلقات الرصاص التي شنها العقاد استخدام نفس التهمة «أفيون الشعوب» ليقرر أن الماركسية هي أكبر مخدر يغيب الناس ويسقط المسؤولية عن الفرد، تماما كما يسكر أحدهم – لا لمتعة في شرب الخمر- بل من أجل التخفف من عبء المسؤولية.

في هذا الكتاب الذي تجده كاملا في أول تعليق، يصوب العقاد أثقل سهام النقد على ماركس نفسه -نبي الماركسية- من خلال تتبع سيرة حياته وكيف أن هذا المفكر المنظر لم يعمل بعرق يديه ليكتب «إنجيله».

ويتندر العقاد بالقول بأن ماركس الذي صك شعار «من لا يعمل لا يأكل» كان يعيش عالة على الآخرين، وآخرهم مساعده «إنجيلز».

أفيون الشعوب

ولأن دعوات الماركسية والشيوعية والمادية التاريخية كانت منتشرة بين الشباب العربي وقت تأليف الكتاب في منتصف القرن العشرين، خصص العقاد في هذا البحث معالجة مستقلة لتحذيرهم مما أسماه «الدعوات الهدامة»، معرجا على أهمية العائلة والوطن والدين.

يدهشنا العقاد باطلاعه على حال المسلمين في روسيا تحت الحكم الشيوعي في تلك الفترة، ومتابعته لطبيعة القوميات المسلمة تحت السياسات القسرية الروسية، ولا سيما ما تعرض له المسلمون في شبه جزيرة القرم.

هذا الكتاب يجيبك على سؤال محير:

لماذا يتعرض العقاد لسوء تقدير مقارنة بطه حسين والحكيم ونجيب محفوظ، رغم إبداعه الذي يضعه في طليعة المفكرين الكبار؟

وإذا أخذنا في الاعتبار أن القائمين على النقد الثقافي المصري كانوا من المتعاطفين مع الماركسية، فإن هذا الكتاب ربما يقدم، إلى جانب أعمال أخرى، بعضا من التفسير.

Please follow and like us:
د. عاطف معتمد
أستاذ الجغرافيا الطبيعية بكلية الآداب جامعة القاهرة.
قناة جريدة الأمة على يوتيوب