د. محمد الموسوي يكتب: نظام الملالي في إيران مُحتضِراً
لم يعد خافيا على أحد ما ارتكبه ويرتكبه نظام الملالي من مجازر وجرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان واضطهاد النساء وقتلهن وقتل الأطفال والقتل الرسمي تحت مسمى الإعدام داخل إيران، أما خارجها فقد حل الخراب والدمار وضياع أربع بلدان عربية على يد هذا النظام وها هي غزة تتعرض للإبادة الجماعية بسبب حماقاته ومخططاته التي لا تعرف الإنسانية ولا تستند إلى عقيدة أو دين وإنما إلى طموح إمبراطوري تحت شعارات الدين والمذهبية.
كشفت الحرب الدائرة في أوكرانيا حقيقة توجهات الغرب وعدم اكتراثه حتى بالشعارات الجوفاء التي يرفعها، ومع دعم الملالي لروسيا في هذه الحرب إلا أن الغرب لا يزال مدافعا وداعماً لنظام ولاية الفقيه محاولاً إبقائه في السلطة مهما كلف ذلك، وقد نجحت بعض التيارات الغربية في تطويع سياسة بلدانها لخدمة الملالي، والفضائح التي تكشفت مؤخراً من خلال رسائل البريد الإلكتروني لوزارة خارجية النظام الإيراني تثبت ذلك إذ كشفت هذه الرسائل عن أن ثلاثة مستشارين على الأقل من فريق روبرت مالي الممثل الفاشل لإدارة بايدن في شؤون إيران كانوا جزءاً من مؤامرة وزارة الخارجية الإيرانية للتأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، ومن ثم تم نشر شبكة واسعة من أولئك الذين كانوا على صلة مباشرة بنظام الملالي وقاموا بشيطنة مجاهدي خلق وتعزيز سياسة الاسترضاء مع الملالي في وسائل الإعلام الدولية.
يبدو أن انتفاضة 2022/ 2023 لم ترعب الملالي فحسب بل تُرعِب الغرب أيضاً خاصة بعدما فشل هو وشركائه الملالي في تسويق الانتفاضة على أنها انتفاضة ضد الحجاب وردت عليهم النساء الإيرانيات الثائرات بهتافات (بحجاب؛ وبدون حجاب ماضون نحو الثورة)
لم يدخر الملالي وسعاً ولا سبيلا في الذكرى السنوية لانتفاضة 2022 وإلى اليوم حيث استخدم نظام الولي الفقيه كافة منشآته وقواه العسكرية والاستخباراتية والسياسية والصحفية في مواجهة المجتمع لمنع تأجج الانتفاضة، لكن المجتمع لا يزال كحقل من أكداس بارود وأي شرارة يمكن أن تشعله ناراً وترفع من وتيرة الانتفاضة الشعبية الملتهبة في إيران.
وعلى الرغم من أقصى درجات الخنق التي فرضها النظام تقوم وحدات المقاومة بتنفيذ المئات من العمليات الثورية البطولية في جميع أنحاء إيران، كما ألهب المواطنون البلوش أهالي زاهدان أمس الجمعة الشوارع بتظاهراتهم وشعاراتهم حيث يتعرضون لممارسات قمعية طائفية عنصرية دموية ضدهم طيلة عقود،ووفق بيانٍ للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن أهالي زاهدان الشجعان احتجوا مرة أخرى على وحشية وجرائم نظام الملالي في بلوشستان بعد صلاة الجمعة وهتفوا بشعارات ثورية: “قسما بدماء الرفاق سنبقى صامدين حتى النهاية” و«يجب إطلاق سراح السجين السياسي» و«أخي الشهيد سآخذ بثأرك» و«الموت للبسيج»، «أيها البسيجي أيها الحرسي؛ أنتم الداعشيون بيننا».
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها: «استهدفوا رأس أفعى ولاية الفقيه في طهران» و«بلوشستان ضد الشاه والملالي..ولا للخضوع» و«زاهدان الصامدة لن تصمت أمامظلم نظامي الشاه والملالي».
ويضيف البيان بأن القوات القمعية، التي طوقت محيط جامع مكي ومصلى زاهدان منذ صباح الجمعة قد هاجمت المتظاهرين بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وأغلقت عناصر الإجرام شوارع خيام ومدني وتوحيد ومدرس وخرمشهر وحاصروا عدداً كبيراً من الناس داخل جامع مكي وقاموا بضرب واعتقال المواطنين حول المسجد، وأصيب العشرات من المتظاهرين بينهم عدة أطفال في هذه الهجمات القمعية، ومن خلال رش طلاء أصفر على المتظاهرين تعرفت قوات الحرس والشرطة عليهم بعد المظاهرة واعتقلتهم واقتادتهم إلى السجن في السيارات التي تمركزت في الشوارع المحيطة، واشتبك الأهالي مع عناصر النظام وهم يرددون شعارات «لا تخافوا، لا تخافوا، كلنا معاً» مرددين شعار «يا عديمي الشرف» وهذا هو حال الشعب الإيراني في زاهدان في طهران في سنندج والأهواز وأصفهان في تبريز ومشهد وكل مكان في إيران، وهذه المقاومة الإيرانية تتبع خطى شعبها وتدافع عنه وعن حقوقه وترفع معاناته للعالم وتشد من أزرهم، وكعادتها حيت السيدة مريم رجوي مواطني زاهدان الشجعان والشباب البلوش الغيارى الذين خرجوا مرة أخرى للتظاهر على الرغم من الإجراءات القمعية وواجهوا الهجوم الوحشي للقوات القمعية وقالت: إن تظاهرة زاهدان اليوم أظهرت أن الشعب الإيراني عقد العزم على إسقاط نظام الملالي.
وفي ظل ما تشهده إيران من عشرات الاحتجاجات والإضرابات كل يوم، ويواجه الشباب ضباط وعملاء الأمن في كل مكان ويتعرضون للموت وباتوا بين سجين ومعدوم ومعوق طريح الفراش وطفل يُقتل في الشوارع وفتاة تُغتصب لم يكتفي الغرب بالصمت بل قام يقدم الدعم المالي والسياسي لنظام الملالي الفاشي حتى بعد أحداث غزة المنكوبة المغدورة، وقد الملالي مقدمات نكبتها بعد المتاجرة بالقضية الفلسطينية وتحطيمها طيلة الأربعة عقود ونيف، وها هم يتفرجون على محنة الشعب الفلسطيني ويكتفون بدفن رؤوسهم في الرمال وما يحتاج فيهم إلى ستر طليق في الهواء غير مستور.
والمخجل في هذا العالم أنه بدلاً من مواجهة الإرهاب الحقيقي مواجهة إرهاب نظام الملالي وسياسة تصديره الفتن والحروب تتجه الحكومات الغربية إلى سياسة الاسترضاء بدلاً من مواجهة مشروع ولاية الفقيه؛ الشعب الإيراني الذي تدعمون قتله واضطهاده ليس إرهابياً بل النظام هو الإرهابي وأنتم تدعمونه، والأبرياء العزل الذين تقتلونهم في فلسطين وغزة ليسوا إرهابيين بل نظام الملالي وأذرعه وميشليشياته هم الإرهابيين لكنكم تدعمونهم.
كان من المفترض على الغرب أن يحافظ على ماء وجهه فبدلاً من إعطاء الفرص للعملاء السريين واللوبي التابع لنظام الملالي من الذين تتركز مهمتهم في نشر معلومات كاذبة ضد المقاومة الإيرانية فإنهم يعلنون كذباً أنه لا يوجد بديل لهذا النظام، ويقومون في الوقت ذاته بشيطنة منظمة مجاهدي خلق، وعلى الرغم من معرفتهم بالحقائق حيث توجد بين أياديهم قائمة بأسماء وعناوين المئات منهم في الدفتر الأخضر لأسد الله أسدي الدبلوماسي الإرهابي إلا أنهم لكنهم لم يكشفوا عن هذه القائمة مطلقا إرضاءً للملالي.
واليوم بعدما أصبح واضحا للعالم أجمع أن نظام الملالي هو التهديد الرئيسي للسلم والأمن العالميين، فإنه من مصلحة أوروبا وأمريكا ودول المنطقة أن تنأى بنفسها عن هذا النظام وتقف إلى جانب الشعب الإيراني، وبدلاً من إصدار التصريحات التي لا تصمد على حالها طويلاً يجب اتخاذ إجراءات من قبيل:
– إدانة جرائم هذا النظام بدلاً من سياسة الاسترضاء والتفاوض معه، كما يجب تبني سياسة حاسمة بشأنه.
– تفعيل آلية الزناد ضد برنامج الملالي النووي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2231.
– وضع حرس الملالي على قائمة الإرهاب.
– الاعتراف بحق الشعب الإيراني المشروع في الدفاع عن نفسه.
هذا ما يجب أن يكون، والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني وإسناده في كفاحه من أجل إسقاط النظام وإنقاذه وشعوب المنطقة من نظام الملالي ورجعيته ومخططاته التوسعية.
نظام الملالي في إيران مُحتضِراً اليوم يلفظ أنفاسه تحت وطأة انتفاضة الشعب لكن الغرب وبكل أسف يحتضنه علانية غير آبه لا بإنسانية ولا بقيم وقوانين وشرعية دولية فهم من يفصل تلك القوانين وهذه الشرعية وأفضل من يغني بالقيم ويلحن لها وقد لحن أحدهم لها قبل زمن ليس ببعيد وغنى لكنه عاد وبكى، وقد بكى باقي المغنين زملائه بعد مجون طويل.
د. محمد الموسوي/ كاتب عراقي