من العبث جر النقاش حول برهامي وحزب النور ومواقفه لمساحة التخطئة العلمية والقُدرة العلمية، والدخول معهم في سِجال علمي.
معظم الجماعات التي انحرفت عن الدين؛ لم تنحرف بتحريف النصوص، بل بتأويلها عند تطبيقها على الواقع.. فأكثر عمل المُبطلين كان في قطع العلاقة بين نصوص الشرع والواقع، وتفسيرها على غير ما هي عليه، فتوجيه التحريف نحو النصوص نفسها؛ لم يقع في تاريخ الشريعة إلا نادرًا.
الخلاف الأساسي مع أتباع برهامي ومن لفّ لَفّهم؛ عقدي مركزي في الأساس يدور حول “الولاء والبراء”.. ربما تختلف أسبابهم؛ نفاق، جهل، جُبن، مصلحة، لكن المشكلة بيننا وبينهم واحدة، وهي أنهم لا يوالون على ما نوالي عليه ولا يُعادون على ما نُعادي عليه!
لذلك لا يشعرون بما نشعر به، ولا يغضبون مما نغضب منه، ولا يكادون يتفقون معنا في قضية، بل لا يكاد يُعرف لهم موقف عِزة أو غضبة لله تعالى يتفقون معنا فيه!
لأن الولاء والبراء يمنح النفس المؤمنة قدرة على التحكم في استقلالها وعِزتها وقدرتها على الفعل وعلى الاختيار، ويحاصر كل شعور يعتريها بالنقص والدونية تجاه أعداء الله، فتستطيع أن تُناصر وتقاوم وترفض وتُعادي وتُقاطع وتنهض، وهذا كله لا يكون إلا لمن ملك زمام أمره واستمد قوته من قوة خالقه ووحدة المؤمنين.
فالولاء والبراء، نظام شعوري على وجه التعبد، مُحمَّل بعقيدة ونابع منها، أحكامه الشرعية كلها تدور على هذا الأصل.. عتبة الولاء والبراء؛ الوحدة الشعورية والاستعلاء الإيماني.
وهذا الأصل نقاشه لا يكون إلا من منطق “الإيمان والنفاق”، لا منطق الفقه ولا السياسة الشرعية..
لاحظ كيف أن القرآن استعمل كل الصور الممكنة للتعبير عن حقارة المنافق وبيان قلة عقله وانحطاط نفسه.. لذلك أخبرنا أن الله تعالى أضلهم وأركَسَهم ولعنهم ويُخادعهم ويستهزئ بهم، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: “واغلُظ عليهم”.. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “إن لم تستطيعوا إلا أن تكفهِرُّوا في وجوههم؛ فاكفهِرُّوا في وجوههم”!
فالقرآن لا يترك مجالًا للحديث عن المنافقين إلا حطّ منهم وأهانهم وسَفَههم وأزْرَى بهم، ونسج لهم صورة مهينة في غاية الصَغَار.. لماذا؟
حتى لا يتصاغر المسلم لأعداء المؤمنين مهما بلغ حاله من ضعف، ولا يستعلي على المؤمنين مهما بلغ حالهم من الضعف.