“نافذةُ الوَصل”.. شعر: سمير محمّد عشماوي
معارضة لقصيدة المتنبي "عيدٌ بأيةِ حَالٍ عدتَ يا عيدُ"

عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ
أتيتَ تمزجُ بالأحزانِ تسهيدُ
أما الأَحِبّة فافترقوا وما عادوا
وكلُ حيٍّ له للموتِ تمهيدُ
وكلُ جمعٍ مع الأيامِ ذو دورٍ
له من جواري تقريبٌ وتبعيدُ
والآن أمضى وحيدا كل ساعدِنا
وأسقمتني منك أحزانٌ وتسهيدُ
أغالب الشوقَ للأحبابِ يقتلني
تحاصرُ القلب آهاتٌ وتنهيدُ
مالي ولليلِ يقتلني بلا رفقٍ
وتستثير شجوني منه تقييدُ
أقضي الليالي وحيدا ساهما حزنا
والدمعُ منِّي له بالقلبِ تجويدُ
قد كان لحن البُكا والطيرُ يعزفهُ
ما بين جنبيَّ أخبارٌ مناكيدُ
كانوا النجوم التي في الليلِ تسعدني
ونورهم في القلب أفراحٌ وتمجيدُ
تركوا فؤادي وحيدا في دفاترهِ
يحيا يغلّفه سهدٌ وتشريدُ
صوتُ الأحِبّةِ في أُذُني أُخزِّنهُ
روحي.. حناياي.. ترجيعٌ وترديدُ
وكلُّ أحلامي أمست تراودني
وفوق فوقي عناقيدٌ عناقيدُ
أتوقُ شوقا لمن كانوا، وقد رحلوا
ألملمُ الشّوقَ ما للشوق تفنيدُ
كأنهم من صمام القلبِ قد خرجوا
فهم في فؤادي ترجيعٌ وتغريدُ
هم شعلةُ العمرِ في دربي وإن رحلوا
فنورهم بظلام الليلِ تجديدُ
أرنو لأطيافهم في الليلِ تسعدني
رؤى رؤؤس بسقفي ما لها جيدُ
تسير روحي على دربٍ لهم عَلَقت
كأنني خلفهم في الحلمِ مرصودُ
أريدُ ضمهمُ يوما إلى صدري
فإنّ في داخلي للشوقِ عربيدُ
يعيثُ نارا بليلٍ أضرمَت كبدي
في الجوف حَـرٌّ وآلامٌ وتنهيد
أمضى وأحمل فى عيني ملامحهم
كأنهم بين أضلاعي أناشيدُ
وكلما غاب طيفٌ من أحبّتنا
أحسّ بالقلب تبريدٌ وتجميدُ
هم زهرةُ العمرِ في نفسي وإن ذبلت
وذكرياتٌ لها بالقلب تحميدُ
كأنني طائرٌ في الأَسرِ منتظرا
نسائم الحب يحدوها زغاريدُ
يا ليت لي من زمان الوصل نافذةٌ
أشكو لهم بثي فالبثُّ تصفيدُ
أسترجع الدفء في أحضان صحبتهم
فالعيشُ من بعدِهم؛ موتٌ وتقييدُ