وول ستريت جورنال:جولة ترامب وتعزيز مكانة دول الخليج علي حساب تل أبيب

تميّزت جولة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط بعناقه لقادة السعودية وقطر والإمارات، وتجاهله لإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الذي أصبحت علاقته به أكثر برودًا في الأشهر الأخيرة.
حتى قبل وصول ترامب إلى المنطقة، عقدت إدارته بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال “صفقة أحادية الجانب مع حماس لتأمين الإفراج عن آخر رهينة أميركية في غزة، بالإضافة إلى خطوات أميركية أخرى فاجأت الإسرائيليين أو همّشتهم، مما يؤكد أن الحليفين ليسا على نفس الخط في ما يخص بؤر التوتر في المنطقة.
وتسلط هذه التحركات وفقا لجريدة الأمة الإليكترونية “الضوء على اختلاف واضح عن سلفه جو بايدن، الذي ركز على استمالة نتنياهو وخاض أشهرًا من دبلوماسية غالبًا ما باءت بالفشل لوقف الحرب في غزة، وسعى لإصلاح علاقاته مع السعودية التي وصفها قبل توليه الرئاسة بـ”الدولة المنبوذة”.
السؤال المطروح الآن هو: هل هذا التغيير في موقف ترامب من إسرائيل استراتيجي أم مجرد خطوة تكتيكية؟ فعلى الرغم من التوتر، تبقى الولايات المتحدة الحليف الأقرب لإسرائيل والمورد الرئيسي لسلاحها.
كما أن دعم إسرائيل في الكونجرس، رغم تضرره بسبب حرب غزة، يجعل من الصعب على أي إدارة أميركية تقليص العلاقة معها بشكل كبير.
لطالما كانت علاقة ترامب بنتنياهو حذرة، ويقال إنه لم ينسَ تهنئة نتنياهو العلنية لبايدن بعد فوزه في انتخابات 2020. ومع ذلك، يرى المحللون أن الخلافات الحالية ترتبط بأجندة ترامب أكثر من كونها انفصالاً طويل الأمد.
وقال ستيفن كوك، الخبير في شئون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: “الخلافات حقيقية والتوتر حقيقي، لكن هناك مبالغة في تصوير استبعاد إسرائيل من جدول الزيارة”، مشيرًا إلى أن نتنياهو التقى ترامب مرتين مؤخرًا، وأن قادة إسرائيل ما زالوا على تواصل وثيق مع نظرائهم الأميركيين.
أما بالنسبة للحكومات العربية، فقد رحبت بهذا التحول المؤقت لصالحها.
قال بدر السيف، خبير شؤون الخليج بجامعة الكويت: “لمن كان يعتقد في الخليج أن الطريق إلى واشنطن يمر عبر إسرائيل، الآن نرى أن بإمكاننا الوصول مباشرة إلى الولايات المتحدة. لدينا الآن منفذ مباشر إلى الرجل الأول، وهو يستمع”.
وأكد جويل رايبورن، مرشح ترامب لمنصب كبير مسؤولي شئون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أن دول الخليج “أصبحت الشريك المفضل”، وأضاف: “زيارة الرئيس تثبت أنه قد حان الوقت لتوسيع علاقاتنا في الخليج، وتطويرها من الأمن إلى الازدهار”.
لكن في تذكير بأن النزاعات الإقليمية كثيرًا ما بددت الآمال بعلاقات جديدة، دانت وزارة الخارجية السعودية الحرب الإسرائيلية في غزة عقب مغادرة ترامب للمنطقة، ووصفتها بأنها “اعتداءات متكررة من آلة الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني”.
في المقابل، بالكاد ورد ذكر غزة خلال استقبال ترامب في قصور فخمة ومساجد مزخرفة، حيث التزمت دول الخليج الغنية بالنفط باستثمارات تريليونية في الولايات المتحدة، ودعت كبار رجال الأعمال إلى مناسبات فاخرة، واصطفت الجِمال والخيول على جانبي الشوارع، وأضيئت المباني – بما فيها أطول ناطحة سحاب في العالم في دبي – بألوان العلم الأميركي.
في أبو ظبي، استُقبل ترامب يوم الخميس من قبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بينما امتنع عن توجيه أي رسائل مألوفة عن حقوق الإنسان كما فعلت إدارات سابقة. وقال ترامب: “العرب لا يحتاجون من يخطب فيهم عن كيفية العيش”.
وكانت السعودية، صاحبة الثقل المالي الأكبر، الأكثر حفاوة في استقباله، حيث رافق ولي العهد محمد بن سلمان ترامب طيلة زيارته التي استمرت 36 ساعة، وانتهت بوداع رسمي على مدرج المطار. وقال ترامب خلال إقامته في الرياض: “العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية كانت دائمًا أساسًا للأمن والازدهار، وهي الآن أقوى من أي وقت مضى، وستظل كذلك”.
وأضاف أن حلمه هو أن تطبّع السعودية علاقاتها مع إسرائيل، وهو إنجاز دبلوماسي ضخم لم يتحقق خلال ولاية بايدن. وخلال لقاء حاشد في الرياض، قال ترامب، والأمير محمد يجلس في الصف الأول، إن المملكة يمكنها اتخاذ قرارها في الوقت المناسب، مشيرًا إلى أن إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل لن تحدث ما دامت الحرب في غزة مستمرة.
لكن العرب سمعوا مثل هذه الوعود الأميركية من قبل – بما في ذلك من ترامب خلال ولايته الأولى – قبل أن يروا واشنطن تلتزم بإسرائيل أكثر من أي طرف آخر. ففي عام 2019، وعد ترامب بالرد على إيران بعد هجوم بطائرات مسيّرة استهدف منشأة نفطية سعودية، لكنه ألغى الضربة في اللحظة الأخيرة، ما أثار غضب السعوديين.

وفي دلالة أخرى على التغير، رافقت طائرات مقاتلة قطرية طائرة ترامب لدى اقترابها من الهبوط في الدوحة يوم الأربعاء.
أما نتنياهو، فقد وجد نفسه مؤخرًا خارج الحسابات، خصوصًا منذ أبريل عندما أعلن ترامب عن استئناف المحادثات النووية مع إيران خلال زيارة نتنياهو للبيت الأبيض.
وعلى الرغم من أن ترامب يفضل التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من تطوير سلاح نووي، إلا أنه هدد بأن طهران قد تواجه ضربة إذا لم يتم التوصل لاتفاق، ما يقرّبه مجددًا من وجهة نظر نتنياهو. ومع ذلك، فهذا مجرد جانب واحد من الخلافات بينهما.
في وقت سابق من هذا الشهر، عقد ترامب صفقة مع الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن الأميركية، دون التزام تجاه إسرائيل. كما تفاوض مع حماس للإفراج عن رهينة أميركية إسرائيلية بينما بقي رهائن إسرائيليون آخرون محتجزين.
وخلال جولته هذا الأسبوع، وافق ترامب على رفع العقوبات عن سوريا بعد مناشدة من الأمير محمد، في خطوة خالفت موقف إسرائيل التي لا تزال متشككة في الحكومة السورية الجديدة.
وفي حين أنه خلال ولايته الأولى زار ترامب إسرائيل وصلى عند حائط البراق، ليصبح أول رئيس أميركي يفعل ذلك، فإن هذه المرة، كانت زيارته الأولى لمسجد كرئيس في أبو ظبي – في تحوّل لافت لرجل قال يومًا: “الإسلام يكرهنا