
سَأَحمِلُ روحي عَلَى راحَتي
وَأَلقي بِها في مَهاوي الرَّدى
فَإِمّا حَياةٌ تَسُرُّ الصَديقَ
وَإِمّا مَماتٌ يَغيظُ العِدى
وَنَفسُ الشَريفِ لَها غايَتانِ
وُرودُ المَنايا وَنَيلُ المُنى
وَما العَيشُ لا عِشتَ إِن لَم أَكُن
فَخَوفَ الجِنابِ حَرامَ الحِمى
إِذا قُلتُ أَصغى لي العالَمونَ
وَدَوّى مَقالي بَينَ الوَرى
لَعَمرُكَ إِنّي أَرى مَصرَعي
وَلكِن أَغذُّ إِلَيهِ الخُطى
أَرى مَقتَلي دونَ حَقّي السَليب
وَدونَ بِلادي هُوَ المُبتَغى
يَلِذُّ لِأُذني سَماعُ الصَليل
يَهيِّجُ نَفسي مَسيلُ الدِّما
وَجِسمٌ تَجَدَّلَ فَوقَ الهِضابِ
تُناوشُهُ جارِحاتُ الفَلا
فَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ السَماءِ
وَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ الشَرى
كَسا دَمُهُ الأَرضَ بِالأُرجُوانِ
وَأَثقَلَ بِالعِطرِ ريحَ الصَبا
وَعَفَّرَ مِنهُ بَهِيَّ الجَبينِ
وَلكِن عَفاراً يَزيدُ البَها
وَبانَ عَلى شَفَتَيهِ اِبتِسام
مَعانيهِ هُزءٌ بِهذي الدُنا
وَناَم لِيَحلمَ حُلمَ الخُلودِ
وَيَهنَأَ فيهِ بِأَحلى الرُوءى
لَعُمرُكَ هذا مَماتُ الرِجالِ
وَمَن رامَ مَوتاً شَريفاً فَذا
فَكَيفَ اِصطِباري لِكَيدِ الحُقودِ
وَكَيفَ اِحتِمالي لِسومِ الأَذى
أَخَوفاً وَعِندي تَهونُ الحَياةُ
وَذُلّاً وَإِنّي لَرَبُّ الإِبا
بِقَلبي سَأَرمي وُجوهَ العُداة
وَقَلبي حَديدٌ وَناري لَظى
وَأَحمي حِياضي بِحَدِّ الحُسامِ
فَيَعلَمُ قَومي بِأَنّي الفَتى
——————–
وُلد عبد الرحيم محمود في قرية عنبتا قضاء طولكرم سنة 1913م
وتعلّمَ في مدرستها الابتدائية ثم التحق بالمدرسة الفاضلية في طولكرم قبل أن ينتقل إلى مدرسة النجاح الوطنية في نابلس حيث أنهى تحصيله الثانوي والتقى بالشاعر إبراهيم طوقان، ثم عمل في نفس المدرسة مدرسا للأدب العربي.
استقال من وظيفته سنة 1936م، والتحق بصفوف الثوار، ذلك قبل أن يهاجر إلى العراق حيث تخرّج في الكلية الحربية العراقية ضابطًا برتبة ملازم، ثم عاد إلى عنبتا واستأنف العمل في مدرسة النجاح
سنة 1947م، انضوى عبد الرحيم محمود تحت لواء جيش الإنقاذ، وشارك في العديد من المعارك قبل أن يقضي شهيداً في معركة الشجرة في 13 يوليو 1948م، ودُفن في مدينة الناصرة.
يعتبر الشاعر المجاهد عبد الرحيم محمود أحد أركان الأدب الفلسطيني المقاوم، وقد خلف إرثا زخماً من القصائد الوطنية واشتهر بقصيدته ” الشهيد” التي يقول في مطلعها: “سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى”