مضر أبو الهيجاء يكتب: سورية أضعف دولة ولكنها الأعلى خصوبة وفاعلية
إضاءات سياسية ومقترحات مرحلية

من نافلة القول أن سورية الجديدة تتسم بالضعف الشديد في كل مناحيها لا سيما بعد أن أجهز عليها المشروع الصليبي الصهيوني الصفوي، وبعد أن التقت مشاريع الصادات الثلاث لتحطم أرض الشام وتفكك وتضعف كينونتها لصالح مشاريع الأعداء.
لقد استرد ثوار الشام أرضهم وبلادهم وديارهم، فوجدوها بوضع متهالك وضعيف، وقد زاد في ضعفهم الحصار الدولي الظالم الذي تشرف عليه أمريكا المتوحشة.
إن كل أشكال الضعف المرحلية والمؤقتة في أرض الشام، لا تخفي حقيقة واعدة مفادها أن إقليم الشام وأرضه المباركة هي الأعلى خصوبة في كل جغرافيا العرب والمسلمين، كما أن أهلها وساكنيها هم الأكثر فاعلية في الواقع الحالي، لا سيما بعد أن قارعوا المشاريع الدولية المعادية والتي شكلت النظام السوري البائد ومنظومته الأمنية منذ ستة عقود قاسية.
لقد فكك ثوار الشام المنظومة الأمنية التي بناها كيسنجر والصهاينة على أرض الشام المباركة، كما أزال الثوار وشعب سورية الأصيل نظام الحكم الوكيل.
جوهرة إقليم الشام المبارك
إن أرض سورية اليوم تعتبر جوهرة إقليم الشام المبارك وهي الأكثر خصوبة وفاعلية في إمكانية إحداث تغيير على مستوى جغرافيا العرب والمسلمين، لا سيما وهي المؤهله لأن تجمعهم حول مشروع جديد ينطلق من تهديد حقيقي يمس عموم المنطقة، على مستوى شعوبها وحركاتها وحتى أنظمتها القائمة.
إن حكام سورية الجدد أمام فرصة عظيمة واستحقاق كبير لبناء أرض الشام الواعدة، وهي لم الشمل العربي ثم الإسلامي من جديد.
وزبدة القول أن حجم التوحش الإسرائيلي وتعاظم الكبر لدى الإدارة الأمريكية يعبران عن فرصة ذهبية ومنحة ربانية تحرض على اجتماع العرب والمسلمين وتوحيد الصفوف.
فرصة حقيقية
إن سورية الحالية تملك فرصة حقيقية لا يملكها غيرها من الأنظمة العربية المكبلة بإرثها المضطرب،
ولا تملكها الحركات الإسلامية المؤطرة والمثقلة والمرهقة من قهر التجربة،
لا سيما وتجربة الشام وليدة وشديدة الارتباط والالتصاق بشعبها المضحي والكريم.
فكيف يمكن لحكام سورية الجدد أن يكونوا على مستوى من الحيوية والفاعلية للقيام بدور عظيم يسوي بين القلوب والعقول والأفهام والسلوك، قبل أن يسوي بين المناكب والأقدام؟
لقد أشرت فيما سبق إلى معان ومفاهيم وخطوات ضرورية لبناء الجسم السوري وتقويم وتصليب بنيته الذاتية، وهي قد تحققت بشكل نسبي في الحالة الجديدة،
وكان أولها ضرورة الالتقاء بين مدرستي أهل السنة والجماعة من السلفيين والأشاعرة،
وأما الثانية فهي ضرورة الخروج من عقدة اللون الواحد إلى عقيدة الطيف الإسلامي الواسع -والمقصود بالطيف الإسلامي الواسع هو الذي يجمع المسلمين كافة مع المسلمين في الإطار الحضاري من الذين يعيشون على الأرض الإسلامية ويصطبغون بثقافتها-.
أما اليوم فإنني أشير بوضوح إلى ضرورة إعادة تقويم وتصليب البنية الذاتية العربية من خلال دور طليعي لا يقدر عليه في الفترة الحالية إلا الأحرار من السياسيين المنتمين في سورية الجديدة، والتي تعبر عن ثقافة الأمة وتنحاز لشعوب المنطقة.
مقترح ونداء لحكام سورية وثوارها الأحرار
وفي ظل الحصار الأمريكي الدولي القائم حول سورية -والذي يتعامل معها من باب الضرورة التي تقدر بقدرها ضمن الرؤية الاجتهادية الأمريكية الغربية الصهيونية المدركة لعراقة أرض الشام وأهلها-
أقول إن المقترح الذي أطرحه على إخواني من الثوار والسياسيين والدعاة الأحرار في أرض سورية جوهرة الشام،
هو قلب الطاولة أمام الإسرائيليين والأمريكيين والغربيين والروس -دون احتراب وتصادم معهم-،
وذلك من خلال دعوة العرب على مستوى الحركات والحكام لمؤتمر عربي يعقد في دمشق الفيحاء ويهدف لإعادة تشكيل
وبلورة الاجتماع والإجماع العربي ضمن معطيات واقعية موضوعية تحفظ الخير القائم وتمنع الاختراق الدائم من قبل الإسرائيليين والمشروع الأمريكي والغربي.
إن دعوتي حكام سورية الجدد والسياسيين الثوريين المنتمين والأحرار بأن يكونوا طليعة تشكيل اجماع عربي مختلف ومتميز عن الإجماع الصوري الذي تشكل في الحقبة القومية وعبرت عنه الجامعة العربية المضطربة،
هي دعوة فيها بداية ترميم حقيقي للمنطقة العربية وشعوبها،
وذلك في مواجهة تهديدات قائمة ومخاطر قادمة تمس الجميع، كما انها تمنح سورية انفراجة نسبية في الحصار المفروض عليها،
كما تجعل حكام سورية الجدد أكثر انعتاقا من الضغوط الغربية القابضة على مفاصل الدعم الاقتصادي والمالي.
إن مقترحي لسورية الجديدة أن تقوم بدور لملمة الصف العربي ليس فيه اضافة حمل جديد على كاهلها المثقل بالمسؤوليات،
بل إن هذا الدور سبب في معالجة إشكالات حقيقية تعاني منها التجربة الوليدة،
لاسيما وهي لا تملك الحل بمفردها، وإذا كانت أمريكا تغلق الأبواب أمام السوريين،
فإن العرب في هذا السياق المنشود لبناء واقع جديد سيكونون سببا في تخفيف عذابات السوريين والتعاون معهم في مواجهة التحديات القائمة.