صفوت بركات يكتب: المحتل السري
في يوم 21 أكتوبر 2018 كتبت تحت هذا العنوان «المحتل السري»:
تحت ذريعة العروبة والإسلام ومسرى النبي وأولى القبلتين وقع أسوء احتلال في التاريخ فلسطين وتم بيعها قطعة قطعة وحتى تمكن من تخليق مصفوفة شعارات ومنابر لتخفى الحقائق وتسلط الرجم لليهود وينسب لها ما لم يكن يوما ثمرة لقوتها ولا تاريخها ليستر خلف يهود أسوأ احتلال على مدار التاريخ وأخطره وأعظمه ضررًا وهو الاستعمار العربي القومي للقرار الفلسطيني.
وبعد أن أدى كل دوره ببراعة ولم يعد قادر على تقديم جديد وأفلس في التخفي والتستر والتزوير والتزييف والتدليس بمصفوفة بيانات الجامعة العربية، وما كان قبلها من القلق والاستنكار والامتعاض والرفض والتنديد، وكل تلك المصفوفة.
واليوم الصراع العربي الإسرائيلي أعيد صياغته ليصبح نزاعا فلسطينيا إسرائيليا لا بأس في ذلك..
ولكن إلى الآن لم يستطع الفلسطيني تحرير القرار الفلسطيني من الاحتلال العربي المتدخل في كل تفاصيل البيت الفلسطيني بدأ من ملح طعامه حتى مثواه الأخير وما بينهما في رحلة حياته من تعليم وثقافة وحتى المباحات الحياتية.
ولكنى لا أشك أن الفلسطيني سيستقل وسيستعيض عن البعد العربي بالبعد الإنساني فهو أقوى وأوسع وأكثر إخلاصا من البعد الاستعماري العربي والذي كان قفازًا لليهودي الصهيوني الماسوني من محمد على وإلى اليوم.
وهو البعد الغائب في تنبؤات «فرانسيس فوكواياما» بنهاية التاريخ ثم انقلابه عليه مؤخراُ لينظر لحرب الهويات ويدعو إلى عودة حرب الهويات ورديفه على التوازي «استيف بانون» ومشروع الحركة الشعبوية وأربابه في أوربا للانقلاب على العولمة.
ومشروع ترامب ليس إلا عنوانًا وأداة لهذا البعد المقاوم لأنسنة العالم وتشييع الحق الإنساني العالمي ومشاركته عبر حقبة العولمة والتي روج لها الديمقراطيون الأمريكان والبنك الدولي وصندوق النقد، فأنتجت ما لم تحمد عقباه، وهدد استقرار إسرائيل في المنطقة كأداة من أدوات الهيمنة ونشوء الحكومة العالمية.
لأن البعد الإنساني تطور وسرى في الكون بأوسع ما كان متوقعًا، فشاعت الحقوقية وتطورت بأكثر ما كان منتظرًا فنشأ عنها الربيع العربي وغيره، وهو ما جعل الشأن الفلسطيني أسيرًا لكل القوى العالمية والعربية،
ولكنه لن يدوم وسيستقل الفلسطيني بشأنه ومصيره ومستقبله من كل القيود والأسوار التي كبلته حتى بعد إعلان الصراع، أنه صراع فلسطيني إسرائيلي، وليس عربيًا، وهو ما سيجعل الفلسطيني مضطرًا لصياغة عقيدة مقاومة جديدة بعد مرحلة الأنسنة.
ويومها لن يكون غير عقيدة المسلمين في العصور الثلاث الأولى وفيها تنزل الخلافة بعدما يكون البوار حل بكل محيطهم فيهرع إليهم شذاذ القبائل من كل صوب ودرب من دروب الأرض لأن صهيون وعاهرة بابل أفسدتهم، فلا يحول بينهم وبين القدس يومها مانع ولا يصدهم عنها حارس.