طيرٌ يُمَزّقُ ريشَـهُ
واليمُّ سافرَ في سماء اليابسةْ
وعلى جدارِ الخَـوفِ أعشاشُ الدُّخَانْ
فانفض غبارَكَ في كفوفِ الأرخبيلْ
كي تسْتبينَ الدّرْبَ في نقشِ الهوامْ
في الآهة الخرساءِ من وجعِ الكلامْ
فالراجفون طواطمٌ
والقارعاتُ تنامُ في هُدب الدُّمَى
ما بين مِلحِكَ يا صديقي والدِّما
بعضُ الضفادع لا يُخبِّؤها الشتاءْ
لكنها تتكوّرُ الصمتَ المريبْ
ويعشِّشُ ”الزنبارُ“ في رئة الوطن
وينزُّ من ثَغْرِ الأريكاتِ العَفَنْ
فادلف هُنالكَ في رياحين الثَّرَى
فالسوسُ ينخرُ في عظام الجُمجُمة
*****
الأرضُ حُبْلَى – يا فتى – بالمستحيلْ
فعلى الموائدِ عروةٌ وُثقَى
وأخلاقُ النبيّ
وعلى تُخوم الذّاتِ ألقاني لَدَيّ
فعلى رصيفِ الدهرِ محبرةٌ وآلافُ الفضائلْ
لا .. لا تُمَوْسِقُ في نقيق رُوَيْبِضَةْ (1)
والشارعُ الـموّارُ يُزجِي العنكبوتْ
ويلفُّ صمت الصمتِ في لغةِ السكوتْ
كلُّ الطحالب – يا أخي – دون الحذاءْ
*****
للريح ظلٌّ إن خلعتَ النِّحْلَةَ (2) العُظمى
وللريح المهافي (3)
فالعادياتُ على جدارِ الصمتِ مَلْمَلها اللُّغــوبْ
وتجُبُّ أسرابَ اللجاجةِ (4) والإِحَـنْ (5)
*****
أتراك حين ذكرتَنا رقرقتَ تثريبَ الضمير ؟
فاخضوضرت تلك الهراوةُ في يديكْ
أَتُرَاكَ عنْـوَنتَ القبيلة َفى قراطيسِ الخروجْ ؟
ويعودُ يطرقُ بابها ساعي البريدْ
أتُراكَ حين رَمَيْتنا أُنْسِـيتَ مِنْسَأةَ القلوبْ ؟
وتركتَنى
-أتركتَني –
لأَسُدَّ في رئتي الثقوبْ ؟
*****
صَلصَالكَ المقرورُ – لو تدري – يُعَنْكِبهُ الغُثـَاءْ
والفيءُ شَأوُ السلسبيلِ
إذا الحنايا ضُـوِّئَتْ من بعد ذي الريحِ الحرونْ
فانظر وراءكَ كي ترى وَجَعَ المناهلِ
حين ينسكبُ المساءُ على الخريطةْ
فعلى رصيفِ القلبِ سنبلةٌ يُدَحْرجُهَا الرمادْ
*****
تجتاحُني كلُ المناقيرِ التي عَـرَّبْتُها من ألفِ عامْ
فانكأْ حروفَ الهَمِّ كي لا تقتفي أَثـَرَ الكلامْ
لحمُ القصيدةِ في فمِ الصلصالِ لا يرنو إلى إفْـكِ البيارقْ
فالعابرون شوارعٌ
والعابرونَ على شياهِ الصمتِ حراسُ القطيعْ
والنَّايُ سَدَّتـْهُ المراهمُ فانزوَى
في حُمْرَةِ الأطرافِ من سَعَفِ النخيلْ
*****
أنا لا ألومُ النهرَ إن فاضت جوانبهُ
إذا ما قام عائقْ
مَن يفتلُ الأحبالَ يدرِ ما الرِّشَاء (6)
هذا مكانُكَ يا أخي – إن لم تكن تدري – على سَنَمِ الزمانْ
فأنا أُخَرْبـِشُ في تباريحي وأجْـتَرُّ الأذانْ
وأدُسُّ في صدري بقايا (بُوصْلَتِي)
ويَرُجُّنِي “لقمانُ” إن لم يُوصِني
ما بين تَصْويحِي وَرَجِّي و(الكتابْ) (7)
نحنُ العُلا
والآخرونَ هُمُ الذُبَابْ
—————————————
1- الرويبضة: قليل الشأن من الناس، كما جاء في الحديث النبوي
2- النِّحْلَة: العقيدة
3- المهافي: أماكن هبوب الرياح
4- اللجاجة: الإصرار على النزاع
5- الإحَن: جمع إحنة، وهي الحقد والضغينة
6- الرِّشاء: الحَبل
7- الكتاب: القرآن الكريم