أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: من همسات الشيوخ

حشاني زغيدي.. كاتب جزائري وأديب.. وباحث التربوي والدعوي

لن يعيد الشيوخ عطاء الشباب، هكذا هي الأيام، فما نصنعه في أيام زهو عمر الزهور لا يعاد صياغته من جديد، هي سنة ماضية،

فكل مرحلة من أعمارنا لها أدوارها، لها بصمتها، لها مميزاتها وقيمتها،

مع ذلك تظل ذكرى الشباب ترافقنا مع تقدم عمرنا، بل تظل أسمارها تغازلنا، نرويها للحفدة،

فجمال تلك المرحلة يظل يعطر عمر أنفاسنا، تظل تلك النشوة تحيي في أرواحنا روح الاستمرار والعطاء،

ولو أن تدفق العطاء يتراجع وتيرته نسبيا، و توهن قواه لطبيعة كل مرحلة من حياتنا، مع كل ذلك تظل المثيرات ودافعية الاستمرار أقوى،

فجذوة الحياة بداخلنا تبحث لها عن التعزيز والمحفزات كي تجدد في روحنا الحيوية والنشاط لنكمل أيامنا المكتوبة،

نعيش أفراح أرواحنا نتلذذ بخاتم أعمارنا، تحيي في نفوسنا الأمل المفقود في زمن التوحش و الاستقواء.

ونحن نستقري بواعث الأمل، نستحضر رسائل التعزيز والتقوية، فلا تضعفها تجاعيد الوجه أو انحناء الظهر،

أو فتور الحركة، نجعلها رسائل موجبة تقوي نفوسنا الضعيفة.

عنفوان الشباب وحكمة الشيخوخة

 كعادتي دائما أستفيد من رصيد الأدب الراقي الذي يحيي في فينا روح الانطلاق، اخترت من روائع الشاعر رسول حمزاتوف الشاعر داغستاني،

الذي ولد في قرية تسادا في مقاطعة خو نزاخ في جمهورية داغستان بجمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية بالاتحاد السوفيتي.

وهو ابن الشاعر الداغستاني المشهور حمزة تساداسا نسبة إلى تسادا قريته، أسماه والده باسم رسول تيمنا بالرسول محمد بن عبد الله يقول:

(في نفسي عنفوان الشباب وحكمة الشيخوخة، فليعن الشباب ولتتكلم الحكمة)

وتقول الدكتورة وفاء إبراهيم، أستاذ علم الجمال، عميد كلية البنات في تفس سياق كلاما راقيا عن الشيخوخة أحسبه من روائع الأقوال:

(لكل سن جمالياته، ورفضت إطلاق لقب «عجوز» على كبار السن، لأن العجز مرادف للاستسلام وضعف الإرادة ورفض التغيير، أكثر من ارتباطه بعمر الشخص،

وأي إنسان يمتلك مواصفات نفسية جامدة ومستسلمة هو العجوز وليس كبار السن).

وتساءلت الدكتورة: (أليس الشباب الجالس على الكافيهات ليل نهار يهدر وقته في مشاهدة الكليبات والحديث في الموبايل عاجزا وعجوزا؟

انظر إليهم فأجد أشكالهم أكبر من أعمارهم كثيرا، وجوههم خالية من لمعة الشباب والحياة).

يظل أمثالنا يحيا على أمل أن نرى ثمرات البناء تعطي أكلها، فيحملها طفل صغير أو شاب يافع، يحمل راية العطاء،

يستكمل مسيرة كهول وشيوخ مضوا على العهد، لا هم لهم سوى أن يشع النور في بشائر الأجيال، فلا يطرق اليأس والضعف بابهم،

لهذا لا نريد أن تضعف روح شباب الأمة فالمستقبل يصنعه الواعون المستبصرون لواقع الأمة المرير.

نسأل الله أن يحفظ شباب الأمة ويبقي شيوخنا وكبارنا حراسا لمبادئ الأمة وأصالتها.

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى