الأمة الثقافية

“عَالَمِيَّةُ الحَجِّ وَأَثَرُهَا عَلَى الفَرْدِ المُسْلِمِ”..دراسة موسوعية لـ د. أحمد مرعوة

 

الأمة    :  قَدَمَ رَئِيسُ الاتِحَادِ العَرَبِي لِلثَقَافَةِ والفُنُونِ والإندِمَاجِ بالنِمسَا الدكتورُ: أحمد إبراهيم أحمد مرعوه، دِرَاسَتَهُ الشَامِلَة في كتابه الذي يحمل عنوان  : “عَالَمِيَّةُ الحَجِّ وَأَثَرِهَا عَلَى الفَرْدِ المُسْلِمِ”، فَي مُجَلَدَيِنِ ضَخْمَينِ، يَقَعُ المُجَلدُ فَي 560 صَفْحَةٍ. كَنَمُوذَجٍ لِلدِرَاسَاتِ المَوسُوعِيةِ المُحَكِمةِ،

 ويستعرض د. محمود خليل الناقد الأدبي محتويات الكتاب فيقول: الكتاب يتناول عَالَمُيةُ الفَرْضِ الخَامِسِ بِصُورةٍ مَنهَجيةٍ، تمَتَدُّ فَي الزَمَانِ والمَكَانِ مُنذُ وَضَعَ اللهُ أسَاسَ بيتِهِ الحَرَامِ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

 (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴿٩٦﴾فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٩٧﴾) [آلَ عِمْرَان: 96، 97].

 وأنَّهُ يومُ عيدٍ٠٠ يُباهِي بِهِ اللهُ الملائكةَ بعبادِهِ ٠٠إلى أنْ يقولَ ربُّنا: أُشْهِدُكُم جميعًاً يَا مَلَائِكَتِي بِأَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لهؤلاءِ الشُعْثِ الغُبْرِ الذِينَ أتَوا إليَّ راجينَ رَحمَتِي.

وَلِلدِرَاسَةِ حُدُودٌ زَمَانيَّةٌ وَمَكَانيَّةٌ وَمُجتَمَعِيَّةٌ ٠٠ذَلِكَ أنَّهَا تَسْتَعْرِضُ كُلَّ أثرٍ عَالَمِيٍّ لِلحَجِّ عَلَى الفَردِ المُسْلمِ، يَبْدَأُ مِنْ وَضْعِ اللهِ البَيْتَ الحَرًامَ قَبلَ خَلقِ الأَرضِ بألفَيْ سنةٍ ثُمَّ حجِّ المَلَائِكَةِ قَبْلَ آدَمَ عَليهِ السَلامُ بألفَيْ سنةٍ، ثُمَّ حَجِّ الأَنبِيَاءِ، ثُمَّ تَعلِيمِ آدَمَ لهَذا النُّسُكِ، ليُعَلِّمَهُ لِوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

وتَتَعَرَضُ الدِرَاسَةُ لِنَشْأةِ هَذِهِ العِبَادةِ عَلَى الأَرْضِ مِنْ جَدِيدٍ، واسْتِئنَافِهَا بَعْدَ طُوفَانِ نُوحٍ الَذِي غَمَرَ الأَرْضَ ٠٠وَحَفِظَ اللهُ المَكَانَ بَعْدَ أنْ رُفعَ الطُوفَانُ ورُفَعَ وَغِيضَ المَاءُ، وقُضِيَ الأمرُ واستَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ.

تحقيق ترابط الأمة ووحدتها دينيا وثقافيا

وَتَتَأَسَسُ هَذِهِ الدِرَاسَةُ عَلَى عِدةِ مُنطَلقَاتٍ نَظَرِيِةٍ لِمَاهِيةِ هَذِهِ العَالَمِيةِ، وَالقِيِمَةِ التِي تَعُودُ عَلَى الفَردِ مِنْهَا ظاهرًا وباطنًا، وَكَذَلِكَ المُنطَلَقَاتِ التَطبِيِقِيةِ المُؤَسِّسَةِ لِتَرَابُطِ الأُمَةِ وَوِحدَتِها دِينيًا وَفِكْرِيًا وَرُوحِيًا وَثَقَافِيًا،

 وَالتَعَانقِ العَالَمِيِّ القَائِمِ علَى مُنطَلَقَاتٍ أَخْلَاقِيةٍ وَسُلوكِيةٍ جَامِعَةٍ لِهَذِهِ الفِئَاتِ مْنَ الأشتَاتِ وَالأجنَاسِ وَاللُغَاتِ، الذِيِنَ لَمْ يَجْمَعَهُمْ سِوَى هَذَاَ الدِينُ، وَتِلكَ الشَعِيرَةُ، ذَاتُ الأَدَاءِ المُوَحَّدِ، وَالوَقتِ المُوحَّدِ، وَالمَشَاعِرِ المُوَحَدَةِ، والنُّسُكِ المُوَحَّدِ، وَالزَمَانِ المُوحَّد وأَثرُ ذَلِكَ فِي وِحدَةِ الصَفِّ، وَتَقْوِيةِ الشَوْكةِ، وَرَفْعِ الهِمَةِ،  مَعَ تَحقِيقِ العُبودِيةِ الكَامِلةِ  للهِ عزَّ وجلَّ.

وتنقسمُ الدراسةُ إلى فصلَيْنِ كبيرَيْنِ، ينقسمُ كلٌّ منهما إلى بابَيْنِ وعدةِ مباحثَ:

البابُ الأولُ: حولَ آدابِ، وإيجابياتِ الحجِّ، وَيَدُورُ الفَصلُ الأَولُ مِنهُ حَولَ فَضَائِلِ الحَجِّ، وَآدَابِ الحَجِّ، وَتَنَاولِ المَسَائلِ الأَخلَاقِيةِ.وَالأَدَبِ الَذِي يَجِبُ عَلَى الحَاجِّ أنْ يَتَزَوَدَ بِهِ، مِنْ تَوبةٍ، وَرَدِّ مَظَالمَ، وَالمُبَادَرَةِ بِكِتَابَةِ الوَصِيةِ، وَالتَزُودِ بِزَادِ الحَجِّ، وَاستِحضَارِ نِيةِ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالحِرصِ عَلَى ذِكْرِ اللهِ وَتَعْظِيمِ شَعَائِرِهِ.

 وَتَحَرِّي الصِدْقَ فِي القَولِ وَالعَمَلِ، وَالاجتِهَادِ فِي فَهْمِ مَقَاصِدِ وَحِكَمِ الحَجِّ إِلى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، وَفَهْمِ آدَابِ السَفَرِ وَآدَابِ الصُّحبَةِ، وَأَحكَامِ القَصْرِ وَالجَمْعِ فِي الصَلَاةِ.

أمَّا المبحثُ الثانِي: فَيَخْتَصُّ بِأَحكَامِ الحَجِّ، وَتَعْرِيفِهِ لُغَةً واصطِلَاحًا، وَأَنوَاعِهِ، وحِكَمِهِ وَفَرضِيَّاِتِه، وَهَلْ يَتمُّ ذَلِكَ عَلَى الفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّراخِي، وَحُكمِ تَكْرَارِ الحَجِّ والعُمرَةِ.

 وَهَلْ تَكُونُ الاستِطَاعَةُ شَرطًا مِنْ شُروطِ الحَجِّ، وَأَركَانِ الحَجِّ والعُمرَةِ، وَفَضَائِلهِمَا، مَعَ بَسْطٍ فِقهِيٍّ لِأنوَاعِ المَنَاسِكِ وَمَحظُورَاتِ الإِحرَامِ. 

وهناك فصلُ يتناول : فَعَنْ إِيجَابِيَاتِ الحَجِّ، وَسُلُوكِ الحَاجِّ فِي كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، أَثنَاءَ أَدَاءِ هَذَا النُّسكِ، بِاعتِبَارِهِ هِجرَةً وَجِهَادًا وَتَغيِيرًا وَتَعَبدًا وَتَذَللًا وَرِقًا وَالدَرسُ المُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الإِشَارَاتِ التِي وُفِّقَ البَاحِثُ فِي تَتَبُّعِ كُلِّ لَمحَةِ تَتَعَلقُ بهَا، هَديًا وَتَشْرِيِعًا وَسُلُوكًا.

أثر عالمية الحج علي الفرد المسلم 

وأمَّا البابُ الثَّانِي: فَقَدْ أَظهَرَ فِيهِ أَثرَ عَالَمِيةِ الحَجِّ عَلَى الفَردِ المُسلِمِ٠٠ فَكَانَ الفَصْلُ الأَوَلُ: عَنْ أَثرِ الحَجِّ عَلَى الفَردِ المُسلِمِ٠٠ وَعَلَى الآخَرِينَ، فِي العُبُودِيةِ وَالأَخلَاقِ، وَالهِجرَةِ، وَتَعظِيمِ الشَعَائِرِ.

 وَالحِرصِ عَلَى تَحصِيلِ الحَسَنَاتِ، وَنَيلِ الدَرَجَاتِ، وَالخُرُوجِ عَلَى المَأَلُوفِ، وَطَلبِ الحِكمَةِ فِي القَولِ وَالعَمَلِ، وَنَشْرِ دَعوَةِ الإِسلَامِ، وَبثِّهَا فَي العَالَمِينَ، وَتَفَردِ المُسلِمِيِنَ بِهَذِهِ الشَعِيرَةِ التِي لَيسَ لهَا مَثِيلٌ فِي غَيرِهَا مِنَ الأُممِ.

بَينَمَا كَانَ الفَصلُ الثَّانِي: عَنْ كَوْنِ الحَجِّ مُؤتمرًا عَالَمِيًا، مَعَ تَدَبُرٍ تَفصِيليٍّ فِي حِجَةِ الوَدَاعِ لِلمُصْطَفَى ﷺ، وَكَوْنِ الحَجِ صُورَةً مُصَغَرةً مِنْ يَومِ القِيَامَةِ.

 مَعَ بِسْطِ الرَّقائقِ وَالأسْرَارِ بِخُصُوصِ مَاءِ زَمْزَمَ، وَأَثرِ هِذِهِ العَالَمِيَّةِ عَلىَ الفَردِ ٠٠التِي اختَصَّ بِهَا المَبْحَثُ الثَّانِي مِنَ الفصلِ الثَّانِي مِنْ هذَا السِّفْرِ الطيبِ فِيمَا عَرَضَ البَاحِثُ لِقِصَةِ بِنَاءِ الكَعبةِ، وَإِعَادَةِ بِنَائِهَا عِدَةَ مَرَاتٍ عَلَى مَرِّ الأَجيَالِ.

ثُمَّ خَتَمَ البَاحِثُ رِسَالتَهُ بِالتَوصِيَاتِ المُتَعَلِقةِ بِتَعظِيمِ اللهِ لهِذِهِ الشَعِيرَةِ، وَتَقْدِيمِ الهَدْيِّ وَالفِدَاءِ ٠٠وَالعِبرِ الكَامِنةِ وَرَاءَ اختِتَامِهَا بِعِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ، ثُمَّ سِلسِلةِ الفَهَارِسِ وَالمَصَادِرِ وَالمَرَاجِعِ، وَتَخْرِيجِ الآيَاتِ، وَتَخرِيجِ الأَحَادِيثِ.

 مَعَ الرَّدِّ عَلَى بَعْضِ الشُّبُهَاتِ التِي يُمكنُ أنْ تُثَارَ حَولَ هَذَا النُّسُكِ مِنْ أنَّهُ إِحيَاءٌ لِبعَضِ أَفعَالِ المُشرِكِينَ، مَعَ تَنَاولٍ طَرَيِفٍ لِبعَضِ أَشْهِرِ رَحَلَاتِ الحَجِّ عَلَى مرِّ التَارِيخِ، وَكَذَلِكَ الرَدِّ عَلَى أَهَمِّ شُبُهَاتِ المُستَشرِقينَ وَالمُستَغْرِبينَ حَولَ هَذِهِ الفَرِيضَةِ ٠ 

وَالخُلَاصَةُ فَي هَذَا المَوضُوعِ: أنَّ التَقدِيسَ لَيسَ للحَجَرِ إنَّمَا القِيمَةُ فِي اتِّبَاعِ أَوَامِرِ اللهِ سُبحَانَهُ وتَعَالَى، فهَذِهِ شَعَائِرُ تَعَبُدِيةٌ للهِ الذِي أقامَ المَكَانَ وَحَدَّدَ الزَمَانَ وَأَنزَلَ الوَحيَّ وَبيَّنَ طَرِيِقَةَ الأَدَاءِ.

 وَالدِرَاسَةُ هِيَ رِسَالةُ المَاجِسْتيرِ التِيِ حَصَلَ بِهَا البَاحِثُ بِتقدِيرِ مُمتَاز٠٠ التِيِ أَشرَفَ عَلَيهِ وَنَاقَشَهُ فِيِهَا ٠٠العَلَامَةُ الدُكتُورُ: مَحمُودُ مَزرُوعَة، أُستَاذُ العَقِيِدَةِ وَالفَلسَفَةِ الإِسلَامِيةِ بِجَامِعَةِ الأَزهَرِ الشَرِيفِ.

 وَالأُستَاذُ الدُكتُورُ: خَالدُ عَبدُ العَالِ، وَالأُستَاذُ الدُكتُورُ: أحمدُ سبَالِك، رَئِيسُ الجَامِعَةِ الإِسْلَامِيَةِ العَالَمِيةِ فَرْعِ جَامِعَةِ التَضَامُنِ الفِرِنْسِيةِ بِالنَيْجَرِ فَرْعِ القَاهِرَةِ عَامَ 2018 م.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights