تقارير

المفاوضات المصيرية مع ترامب تشعل صراع العقارب داخل مجلس الملالي

في مشهدٍ يعكس عمق التصدّع في أروقة النظام الإيراني، تحوّلت الجلسة العلنية لمجلس شورى الملالي يوم الثلاثاء، 8 نيسان 2025، إلى ساحةٍ لصراع محتدم بين أجنحة النظام حول قضية المفاوضات المرتقبة مع الولايات المتحدة.

ما حصل لم يكن مجرّد نقاش برلماني، بل ما وصفه مراقبون بـ «حرب الذئاب» التي تعكس حالة الإرباك والانقسام العميق داخل هرم الحكم.
وفي كلمته النارية، هاجم صباغيان بافقي، أحد أعضاء المجلس، ما وصفه بـ”سذاجة” دعاة التفاوض، محذرًا من تكرار تجربة الاتفاق النووي مع إدارة أوباما،

وقال:“المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين… ألم توقعوا الاتفاق مع أوباما؟ ثم ماذا؟ تمزّق الاتفاق وجاءت العقوبات. لماذا لا تفهمون أن المشكلة ليست في رؤساء أميركا، بل في جوهر النظام الأميركي نفسه؟”

البرنامج النووي للنظام الإيراني

واعتبر صباغيان أن المشكلة الجوهرية التي تواجهها واشنطن مع النظام الإيراني ليست فقط في السلاح النووي أو الصواريخ، بل في ما أسماه “استقلالية النظام وقيادته الرافضة للهيمنة”، على حدّ تعبيره. ثم أطلق تحذيرًا لاذعًا:
“إذا تفاوضتم مجددًا وخُدعتم كما المرة الماضية، فالشعب سيقارنكم بحكام القاجار، وسيعود الحديث عن تركمانچاي وگلستان!”

في مقابل هذا الخطاب التصعيدي، برز صوت آخر من داخل المجلس نفسه، حيث أشار أحد الأعضاء الموالين للولي الفقیه، من دون تسميته، إلى أن المفاوضات باتت أمرًا واقعًا، وأنه يجب على المجلس أن يتّخذ موقفًا عمليًا،

واضاف السبت تبدأ المفاوضات مع العدو. هو قال: استسلام أو حرب. لا يفهم إلا لغة القوة. ورغم كل ذلك، هل ينبغي أن نبقى بلا موقف؟ هل أعددنا لوزيرنا شيئًا يحمله معه؟ هل أرسلنا رسالة؟”
هذا التباين يعكس فقدان القرار الموحد داخل النظام، وتحوّل التفاوض من خيار سياسي إلى ساحة مواجهة داخلية، حيث يُخشى من أن يؤدي الانقسام إلى تفجير التناقضات المستترة في قلب السلطة.
في موازاة الجدل الداخلي، عاد هاجس منظمة مجاهدي خلق إلى الواجهة. ففي تصريحٍ لافت، اعترف وزير الاقتصاد السابق خاندوزي، بأن كثيرًا من القرارات الدولية ضد النظام كانت ثمرة المعلومات التي كشفتها المنظمة،

البرنامج النووي الايراني

واضاف “مجاهدي خلق كشفوا مواقع نووية… ثم تحوّلت إلى قرارات… ثم إلى قطع العلاقات… وصولاً إلى القرار 1929. لقد شكّلوا مستمسكًا جوهريًا لإجماع دولي ضدنا.”

هذا التصريح، وإن جاء في سياق لوم الخارج، إلا أنه يعكس الأثر العميق والدائم لافشاءات مجاهدي خلق عن النظام، وهو ما يفسر الهجوم الدائم من إعلام الملالي ضد المقاومة الإيرانية وقيادتها.

مفاوضات مأزومة… ونظام مأزوم أكثر
ما جرى في البرلمان الإيراني في 8 نيسان 2025 ليس جدلًا عابرًا، بل مرآة لانفجار داخلي متسارع، تتشابك فيه خيوط الملف النووي، الحسابات الدولية، وانكشاف النظام أمام شعبه والعالم.

بين من يطالب بالتشدد، ومن يسعى لإرسال رسائل إيجابية، وبين ماضٍ مليء بالإخفاقات والخذلان، يبقى النظام في طهران غارقًا في صراع بقاء…حيث لا حسم إلا في الشارع، ولا صوت يعلو فوق صوت المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى