“فلسفة السيرة : الأساس الأخلاقي”.. كتاب يتناول السيرة النبوية برؤية جديدة
![](https://alomah.net/wp-content/uploads/2024/08/طه-عبد-الرحمن.jpg)
الأمة : قال المفكر المغربي طه عبد الرحمن، في تصريح له، إنه تناول السيرة النبوية من زاوية فلسفية في مؤلفه الجديد بعنوان “فلسفة السيرة: الأساس الأخلاقي”.
جاء ذلك خلال برنامج حواري أُقيم في مكتبة الأمة في أنقرة، حيث قدم عبد الرحمن عرضاً لكتابه الجديد وعلّق على عمله، مبيناً أن الطبيعة البشرية المحدودة تقيد فهم السيرة النبوية، ولذلك لا يمكن إدراكها إلا بطرق معينة.
ولفت إلى أن السيرة النبوية تُناقش عادةً من خلال منهج المحدثين والفقهاء والمؤرخين، وسأل عن إمكانية وجود طرق أخرى للاستفادة منها، مُوضحاً أنه اتبع نهجاً مختلفاً عن الطرق التقليدية في تناول السيرة.
وأضاف: “السيرة هي في جوهرها أخلاق، تجمع من القيم، ولهذا السبب قررت أن أتناول السيرة النبوية من منظور فلسفي”.
وأوضح عبد الرحمن أن بعض الأحداث في حياة النبي يجب أن تُفهم على أنها “آيات تستحق التأمل” بدلاً من النظر إليها على أنها “وقائع وظواهر” مضيفا بأن “نبوة النبي محمد هي رسالة أخلاقية”.
وأشار إلى أنه تناول السيرة النبوية من زاوية فلسفية في كتابه الجديد بعنوان “فلسفة السيرة: الأساس الأخلاقي”.
يذكر أن عبد الرحمن أستاذ في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، وهو حالياً في زيارة لتركيا حيث يشارك في ندوات ومحاضرات تستقطب الطلاب والأكاديميين والشخصيات السياسية.
وفي محاضرة ألقاها الفيلسوف المغربي في ندوة أقامها مركز الأبحاث الإسلامية “إسام” (Hls) في إسطنبول ، بعنوان “كيف نؤسس لفلسفة إسلامية أصيلة؟”، دعا إلى “العمل من أجل العودة بالفلسفة إلى أصلها وهي الحكمة”.
وأشار عبد الرحمن في الورقة التي نشرها -معهد التفكر الإسلامي بأنقرة، ونقتبس جزءا منها لهذا التقرير- إلى أن الفيلسوف لا يَكتفي، في معرفة الذات، باتباع المنهج العقلي والمسلك الخُلقي، لكي يحصّل الحياة الطيبة، بل يحتاج إلى طلب نموذج أعلى يتحقق فيه “كمال العقل” و”كمال الخُلق”، نموذج يُتشبَّه به في “التعقل” و”التخلق”، وقد اعتُبر “الإله” هو النموذج الأعلى الذي يمكن أن يُتشبَّه به
لأنه لا أكمل منه ولا أسعد، بحيث أضحى “التشبه بالإله” مبدأ من مبادئ التفلسف المعرفي، وأوضح أن الفيلسوف المسلم لا يمكن أن يقبل بهذا المبدأ لأسباب ثلاثة، كما يقول المفكر المغربي:
أحدها، أن “التشبه” علاقة تستلزم الاتصال المباشر، إن رؤية أو إشارة، وتعالى “الإله” أن يظهر للعيان أو يشار إليه بالبنان.
والثاني، أن المفهوم الذي ترسَّخ استعماله في مجاله والذي يفيد معنى “التقرب” من النموذج، مع الخلو عن شبهة منافسته التي قد تدخل على مفهوم “التشبه”، هو، بالذات، “الاقتداء” أو “الائتساء”.
والثالث، أن “القدوة الكامل” أو “الأسوة الكامل” الذي يتعين الاقتداء به هو “الإنسان الكامل”، ولا إنسان أكمل من خاتم النبيين ﷺ؛ لذلك، يطرح الفيلسوف المسلم مقولة “التشبه بالإله”، ويستبدل بها مقولة “الاقتداء بالنبي”.
يترتب على هذه الأسباب أن الفيلسوف المسلم يسعى، في معرفة ذاته، إلى الاقتداء بخاتم النبيين ﷺ، تحصيلا للحياة الطيبة، وهذا الاقتداء على نوعين “الاقتداء به في المنهج العقلي” و”الاقتداء به في المسلك الخُلُقي”.