مقالات

د. ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: القراءات غير المتواترة

القراءات غير المتواترة في كلمات بعض آيات القرآن الكريم مفيدة جدًا في التفسير وفي فهم أوجه اللغة العربية في هذه الكلمات، وهي آية ودليل ظاهر على الإعحاز اللغوي للقرآن الكريم كما يقول علماء البلاغة.

وهذه القراءات غير المتواترة وإن أطلق عليها علماء القراءات وعلوم القرآن الكريم اسم القراءات الشَّاذَّة، فإنما هو اسم لتمييزها عن القراءات المتواترة التي وصلتنا بالسّند المتواتر، وهذه القراءات غير المتواترة مقبولة ما دامت لا تخرج عن الرسم العثماني للقرآن ولا تخالف وجهًا من وجوه النحو، إنما فقدت شرط التواتر؛ لذلك نقول عليها أنها غير متواترة.

وهذه القراءات غير المتواترة أو الشاذة ما دامت لا تخالف الرسم العثماني ولا وجهًا من وجوه النحو واللغة، فهي قرآن ولكن لا نقرأ بها في الصلوات؛ فريضة أو نافلة، وهذا محل اتفاق؛ قرآن ولكن لا يقرأ بها في الصلوات، إنما يُقرأ بها للتعليم والتفسير وغيرهما..

ومن أمثلة ذلك ما ورد من قراءات في لفظ (درست) في الآية ١٠٥ من سورة الأنعام؛ في قول الله تعالى: (وكذلك نفصل الآيات وليقولوا دَرَسْتَ) فقد:

👈 قرأ حفص وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف: (دَرَسْتَ) أي: تعلّمتَ وقرأتَ؛ من الدّرس وهو القراءة والتعلم.

👈 وقرأ ابن كثير المكي وأبو عمرو البصري: (دَارَسْتَ) أي: دارستَ أهل الكتاب وذاكرتَهم وتعلمتَ منهم؛ من المدارسة وهي المذاكرة والمناقشة والعرض.

👈 وقرأ ابن عامر ويعقوب: (دَرَسَتْ) أي: قَدُمت وعفا عليها الزمان؛ من الدروس وهو القِدَم.

فما تقدم من القراءات الثلاثة السابقة فهو المتواتر من القراءات في هذا اللفظ الكريم؛ وكلها يفيد وجهًا وتفسيرًا للفظ الكريم في ذات الاتجاه، ولا يتعارض منها قراءة مع أخرى.

ومع ذلك فقد وردت قراءات غير متواترة لهذا اللفظ الكريم؛ منها:

👈 قراءة أُبي بن كعب رضي الله عنه: (دَرُسَتْ) بضم الراء مبالغة في دَرَسَتْ.

👈 قراءة ابن عباس رضي الله عنهما بخلاف عنه وزيد وقتادة والحسن: (دُرِسَتْ) أي: قُرِئَتْ.

👈 قراءة الحسن رحمه الله: (دَارَسَتْ) بمعنى: دَرَسَتْ أو بمعنى: دَارَسَتْ اليهود محمدًا صلى الله عليه وسلم.

👈 قراءة عبد الله بن مسعود وأُبيّ رضي الله عنهما: (دَرَسْنَ) أي: عَفَوْن وقُدُمنَ.

وقد ذكر العلماء قراءات أخرى لم أضبط لمن هي حتى الآن؛ إذ لم أتأكد من نسبتها على وجه مقنع لمن قرأ بها؛ منها:

👈 قراءة: (دَارِسَاتٌ) أي: قديمات، أو ذات دَرْس كما في قوله تعالى: (عيشة راضية) أي: ذات رضى.

👈 قراءة: (دَرَّسْتَ) بالتشديد؛ أي: درّسْتَ الكتب القديمة السابقة.

👈 قراءة: (دُورِسَتْ) أي: تمت مدارستها.

إلى غير ذلك مما ورد من قراءات للفظ الكريم ولم يتواتر مما لا يحضرني الآن؛ وإلّا فقد ذكر أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ١٤ وجهًا من القراءات للفظ الكريم.

وقد بدأنا -بحمد الله وفضله- منذ فترة في جمع القراءات المتواترة وغير المتواترة لبعض كلمات القرآن الكريم في كتاب: الجامع المختصر للقراءات نسأل الله تعالى التوفيق والسداد لاستكماله وإتمامه.

وسبحان من هذا كلامه.. وسبحان من أودع أسراره في كتابه القويم بلسان عربي مبين.. وحفظه من التحريف والتبديل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights