في مثل هذا اليوم 25 فبراير 1986م: “أحداث الأمن المركزي”
– في 25 فبراير 1986م، تظاهر عشرات الآلاف من مجندي الأمن المركزي في معسكر الجيزة بطريق الإسكندرية الصحراوي، احتجاجًا علي سوء أوضاعهم، وتسرُّب شائعات عن وجود قرار سرّي بمد سنوات الخدمة من 3 إلى 5 سنوات، لكن السبب الأول الذي لم يُعلن، هو مقتل جندي الأمن المركزي سليمان خاطر، في 7 يناير 1986م، داخل الزنزانة، بعد قتله للجنود الصهاينة على الحدود.
البداية:
– في مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير، خرج الآلاف من جنود الأمن المركزي من معسكرين للأمن المركزي في منطقة الأهرامات، مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم في مظاهرات مُسلّحة إلى فندق “الجولي فيل” وهو واحد من أحدث وأضخم فنادق القاهرة، ويقع في مواجهة أحد المعسكرين الّذين بدأ منهما التحرك مباشرةً، وتتيح واجهاته الزجاجية الفرصة ليشاهدوا ما يجري من ورائها.
– حطّمَ الجنودُ هذه الواجهات الزجاجية، ثم اقتحموا الفندق، وأحرقوا كل ما فيه، كما قاموا بإحراق فندق “هوليداي سفنكس”، ومبنى قسم شرطة الهرم، وفندق “ميناهاوس”، وبعض المحلات التجارية الكبيرة في المنطقة.. وخلال ساعات استطاع الجنود احتلال منطقة الهرم بأكملها، بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي، وطريق الفيوم، وترعة المنصورية.
– هرعَ جنود الأمن المركزي إلى الشوارع في 10 محافظات مصرية في وقتٍ واحد، وقاموا بتدمير كل ما طالته أيديهم من ممتلكات خاصة وعامة، في أكبر حوادث تخريب وفوضى تشهدها مصر في تاريخها الحديث.
– في الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير، أُعلِنَت حالة الطواريء، وتم فرض حظر التجوّل في تلك المنطقة.
– مع ساعات صباح الأربعاء، بدأت الانتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة، في شمالها وشرقها وجنوبها الغربي، وتعالت أصوات اشتباكات الرصاص مع قوات الجيش، وتحوّلَت الاشتباكات إلى مطاردة في الشوارع الجانبية المتفرّعة من جسر السويس، وشُوهِدَت آثار الدماء على أرض الشارع، واحترقت بعض سيارات الجيش، وتم إغلاق شارع جسر السويس، وتعزيز قوات الجيش في منطقة الدرّاسة، حيث يقع معسكر ضخم لقوات الأمن المركزي، واستمر تبادل إطلاق النار مع قوات الجيش، ولجأ بعض جنود الأمن المركزي إلى البيوت المحيطة بالمعسكر ومنطقة المقابر، بعد نفاذ ذخيرتهم.
– بعد خروج معسكرات الأمن المركزي في شبرا وطرة، بدأت طائرات الجيش الهليكوبتر تقذفهم بالرصاص، وخرج جنود المعسكر بالآلاف فارين إلى الشوارع حاملين معهم أسلحتهم، وتوجّهوا إلى سجن طرة، واستطاعوا أن يقتحموا السجن، ومساعدة السجناء علي الهرب، وبحثوا عن الضباط كي يقتلوهم.
– استمرت حرب الشوارع بين الجيش المصري وعساكر الأمن المركزي ثلاثة أيام متتالية، وبعد احتلال الأمن المركزي لمساحات شاسعة من القاهرة، أمرَ مبارك قوات الجيش المصري بضرب معسكرات الأمن المركزي بالصواريخ، والمدفعية الثقيلة، والطائرات، مما أدى إلى مقتل حوالي (8000 جندي) في هذه الأحداث التي ما زالت غامضة بعد مرور 37 سنة.
(رغم أن رقم 8000 ذكرته جميع المصادر، لكنه رقم غير منطقي، ومبالغ فيه جدا، من وجهة نظري، والله أعلم)
– بعد انتهاء هذه الأحداث واستتباب الأمن.. تم رفع حظر التجوال، وإقالة اللواء “أحمد رشدي” وزير الداخلية آنذاك، وعَزْل العديد من القيادات الأمنية، ونقل معسكرات الأمن المركزي خارج الكتلة السكنية ..
– .. وبعد 38 سنة من الأحداث، ما زالت علامات الاستفهام قائمة:
1- مَن أطلق الشائعات بين الجنود؟
2- كيف خرجت قوات معسكرات الأمن المركزي في وقت واحد؟!
3- مَن أشعل الفتنة؟؟؟
– اللواء القدير “أحمد رشدي”، خرج من مغارة الصمت التي كان يعيش فيها، واعترف بكلمات قليلة بعد ثورة 2011م، للصحافي الراحل سيد عبد العاطي (رئيس تحرير الوفد الأسبوعي) وكشف عن المؤامرة التي تعرضت لها مصر سنة 1986م، من جانب صفوت الشريف، وزير الإعلام، والعضو القيادي في الحزب الحاكم، ويوسف والي، الأمين العام للحزب الوطني، والدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق.. للإطاحة به.
—————-
المصادر:
1- (طريقي..سنوات الحلم والصدام والعزلة) د. كمال الجنزوري (دار الشروق – 2013)
2- (وزراء على كف عفريت) للصحافي محمد صلاح الزهار.
3- تقارير إذاعة مونت كارلو، في فبراير ومارس 1986م.
4- تقارير هيئة الإذاعة البريطانية BBC
5- تقارير إذاعة صوت أمريكا، فبراير 1986م.
6- جريدة الوفد، 27 فبراير 1986م.
7- “المسكوت عنه من تاريخ مصر” – لـ يسري الخطيب