تقاريرسلايدر
أخر الأخبار

ماذا تريد إسرائيل من اغتيالات قادة “حماس”

تعرض عدد من قادة حماس خلال اليومين الماضيين لعدة اغتيالات أسفرت عن استشهاد بعضهم، على رأسهم الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد اللطيف القانوع في غارة إسرائيلية استهدفت خيمته ببلدة جباليا شمالي قطاع غزة.

ومنذ عقود، اعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاغتيالات كأداة مركزية في صراعه مع المقاومة الفلسطينية، مستهدفًا القادة السياسيين والعسكريين، بل وحتى النخب الفكرية والأكاديمية، في محاولة لإضعاف التنظيمات الفلسطينية وكسر إرادة المقاومة.

وبحسب وكالة ” قدس برس” فهذه السياسة شهدت تصعيدًا غير مسبوق بعد الحرب الأخيرة على غزة، حيث كثّف الاحتلال عمليات التصفية ضد شخصيات سياسية وأمنية وخدماتية، في مسعى لإعادة رسم موازين القوى على الأرض.

ويشير خبيران إلى أن الاحتلال، رغم اعتماده المفرط على الاغتيالات، لا يزال عاجزًا عن تحقيق أهدافه الاستراتيجية، إذ أثبتت التجارب أن استهداف القادة لا يكسر شوكة المقاومة، بل يزيدها صلابة، ويعزز قناعة الفلسطينيين بأن الصراع مع الاحتلال هو معركة وجود لا يمكن حسمها إلا بالمواجهة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن الاحتلال الإسرائيلي يخوض حربًا مفتوحة ضد حركة حماس، مستهدفًا كل مكوناتها، من القيادات السياسية والعسكرية، إلى العمل الأمني والإداري، في محاولة للقضاء على الحركة وتفكيك بنيتها التنظيمية.

وأوضح المدهون أن إسرائيل تعتبر القضاء على حماس هدفًا استراتيجيًا تسعى لتحقيقه عبر استهداف قياداتها، وتعطيل أنشطتها، وضرب بنيتها التحتية، في محاولة لإضعافها على كل المستويات.

وأضاف أن الاحتلال كثّف خلال هذه الحرب سياسة الاغتيالات، مستهدفًا شخصيات حكومية وخدماتية مرتبطة بالحركة، لضرب البنية الإدارية والسياسية. ومع ذلك، فشل حتى اللحظة في النيل من القيادات العسكرية، التي لا تزال تدير المشهد بكفاءة رغم الضغوط الهائلة.

وأشار المدهون إلى أن الاحتلال يركز على استهداف الشخصيات العلنية، بينما يبقى الجناح العسكري متماسكًا، يحافظ على قدراته التنظيمية والقتالية.

لكنه لفت إلى أن دائرة الاغتيالات لم تعد تقتصر على القادة السياسيين والعسكريين، بل امتدت إلى النخب الفكرية والإعلاميين والأكاديميين، حيث بات الاحتلال يقتل كل من يُتهم بالانتماء أو حتى بمناصرة حماس.

وأكد أن هذه الحرب تتجاوز الأبعاد العسكرية إلى حملة انتقامية واسعة، تهدف إلى الرد على عملية 7 أكتوبر، وإرسال رسالة ردع لكل من يفكر في مقاومة الاحتلال.

وقال: “إسرائيل تسعى لترسيخ معادلة مفادها: كل من يقاتلنا سنقتله، كل من يواجهنا سنمحوه”.

وشدد المدهون على أن سياسة الاغتيالات، رغم وحشيتها وتصاعدها، لن تكسر إرادة المقاومة، بل ستُرسّخ قناعة الفلسطينيين بأن المواجهة هي الخيار الوحيد أمام آلة القتل الإسرائيلية، مؤكدًا أنها جريمة حرب موثقة وانتهاك صارخ للقانون الدولي، لا يمكن القبول به كأمر واقع.

رهان إسرائيلي خاسر
يرى المختص بالشؤون الإسرائيلية خالد سعيد أن الكيان الصهيوني يعتمد في سياساته الخارجية على نهج “الاغتيالات الانتقائية”، حيث يستهدف الشخصيات البارزة في صفوف أعدائه بهدف بث الخوف والرعب بين القيادات الصغيرة في محاولة لتفكيك أي تنظيم معادٍ له. ولا تقتصر هذه السياسة على الأعداء فحسب، بل تمتد لتشمل كل من تتعارض مصالحه مع المشروع الصهيوني.

وأشار سعيد إلى أن اغتيال الكونت فولك برنادوت، وسيط الأمم المتحدة للسلام، في 17 سبتمبر 1948، يمثل أحد أوضح الأمثلة على هذه السياسة، حيث قتلته العصابات الصهيونية بسبب جهوده الدبلوماسية لتعديل خطة تقسيم فلسطين.

وأكد أن الكيان الصهيوني نفّذ عمليات اغتيال لشخصيات عربية وفلسطينية داخل الأراضي المحتلة وخارجها، لكنه لم يدرك بعد أن استهداف القادة لا يكسر إرادة التنظيمات والدول التي ينتمون إليها، بل يعزز قناعتها بضرورة مواصلة المقاومة. ففكرة مقاومة الاحتلال لا تموت بموت الأفراد، بل تترسخ أكثر كلما ازداد بطشه.

وأضاف سعيد أن الفشل في اغتيال شخصيات بعينها يدفع الاحتلال إلى اللجوء لأساليب أخرى، مثل رصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم. وقد تجلّى ذلك بوضوح في قطاع غزة، عندما أعلن جيش الاحتلال عن مكافأة قدرها 400 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس. ومع ذلك، فإن استشهاد السنوار لم يكن نتيجة عمل عسكري منظم، وإنما جاء بشكل عشوائي، ما يعكس إخفاق الاحتلال في تحقيق أهدافه.

وختم سعيد حديثه بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني، رغم كل الضغوط، رفض التجاوب مع محاولات الاحتلال، ما يثبت أن سياسة الاغتيالات، رغم وحشيتها، لا تُضعف المقاومة بقدر ما تعزز صلابتها وترسخ قناعتها بأن الصراع مع الاحتلال صراع وجود لا يمكن حسمه إلا بالمواجهة.

يتزامن ذلك مع استئناف قوات الاحتلال فجر الثلاثاء الماضي عدوانها على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار على مدار الشهرين.

واستمر الاحتلال في قصفه لأماكن متفرقة من قطاع غزة، مخلفا 730 شهيدا وألفا و 367 مصابا معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وتتنصل حكومة بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ تسعى لإطلاق سراح مزيد من الأسرى لدى المقاومة من دون الوفاء بالتزامات هذه المرحلة، ولا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بالكامل.

وبدعم أميركي أوروبي ترتكب قوات الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 163 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights