د. محمد جلال القصاص يكتب: التفكير الكنسي عند المعاصرين!!

أظهر ما أجد في البناء الإسلامي الأول (السلف) هو النقد، وعلى سبيل المثال:
= المذاهب الأربعة حالة من النقد: الشافعي تلميذ مالك وتدارس علم أبي حنيفة مع تلاميذه، ومع ذلك خرج بمذهب جديد؛ وأحمد كان محبًا للشافعي ولم يوافقه في كل ما ذهب إليه (هذا مذهب وهذا مذهب).
= وأشهر ما يردد في علم الحديث (الجرح والتعديل)، وهذا غاية النقد ورفض التواطؤ.. مهما كانت قامة من يتكلم.
= وفي مجال اللغة العربية كان النقد (الخلاف كما يسمونه) على أشده.. ومشهور التناطح الذي كان بين الكوفيين والبصريين (وهم جيران)، وكذا التناطح (المساجلات) بين أعلام اللغة، وقد مات فحل اللغة الأول (سيبويه) بعد مناظرة.
= وكذلك في كتابة السيرة والتاريخ،
لا تجد عالمًا علّم الناس إلا وتجد من تتبعه (بمعنى نَقَدَهُ)..
رفض النقد جاء إلينا من عند النصارى..
النصارى وحدهم هم الذين يرون عصمة رجال الدين (الباباوات).
وهذه القداسة تكون عند حفنة ممن يتبعون العالم.. وحفنة أخرى تذهب بعيدًا وتكفرهم بل تقاتلهم إن قدروا على ذلك. ولذا انقسموا في كل شيء.. حتى المسلمات.. وكفر بعضهم بعضًا.. وقاتل بعضهم بعضَهم.. وانقسموا إلى قرابة ألف دين… لأنهم كبتوا النقد.. لأنهم تفرعنوا.. لأن علماءهم حاولوا التأله.. لأن صبيانهم أرادوا آلهة بين أيديهم…
كبت النقد يؤدي إلى عدم تطوير القائم من ناحية، ويؤدي إلى انشقاقات طولية أكثر حدة من ناحية أخرى. (والصورة المصغرة عندنا في الطرق الصوفية). بمعنى أن:
قداسة العلماء= تفكير كنسي= وفي أحسن الأحوال دروشة صوفية
تغضب مني.. تعتب على إن وجدتني أتطاول على أشخاص العلماء أو على حياتهم الخاصة.. وهذا لم أفعله.. لا على العام، ولا في المجالس الخاصة. لا مع الشيوخ ولا مع غيرهم، وقد قدمت رؤية نقدية لعدد من المشاهير (زكريا بطرس، وجوزيف قزي [أبو موسى الحريري]، وديورانت، وعباس العقاد، وعمرو خالد، وشيوخ السلفية، والجماعات عمومًا). ولم يحدث أني تطرقت للأمور الشخصية.. حتى بطرس ومرقص وجرجس..
المشكلة عندي مع الأفكار… مع المسارات.
أرجو أن يكون هذا واضحًا.