تقاريرسلايدر

هل بدأ الاحتلال في تنفيذ المرحلة الأخيرة من خطة “عربات جدعون”؟

بعد ساعات من ختام الجولة الخليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي في شن هجمات موسعة ضد المدنيين في قطاع غزة تحت مسمى “عربات جدعون” في محاولة لتهجير الفلسطينيين من أغلب المناطق في غزة نحو منطقة ضيقة جنوب القطاع.

هذا التطور الذي بدأ جيش الاحتلال في تنفيذ مراحلة الأخيرة بعد فشل قادة الخليج في إقناع ترامب بضرورة وقف الحرب رغم الأموال الباهظة التي جناها من تلك الزيارة، جاء عقب موافقة مجلس الوزراء الأمني بقيادة بنيامين نتنياهو، على عملية عسكرية موسعة وصفها أحد الوزراء بأنها خطة محكمة لغزو قطاع غزة.

العملية العسكرية التي عرفت إعلاميا بخطة “عربات جدعون” أسفرت في أول يوم عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني أغلبهم من خان يونس وجباليا، ليبلغ بذلك عدد شهداء القطاع أكثر من 53 ألف منذ بدء طوفان الأقصى، بحسب وزارة الصحة في القطاع.

المراحل الثلاثة للخطة

وتعتمد خطة “عربات جدعون” على ثلاث مراحل، أولها محاولة تفكيك حركة حماس عن طريق الاستهداف الممنهج للبنى الأساسية والمؤسسات التابعة لحركة حماس، وثانيها، مرحلة التمركز السكاني وتهدف لنقل المدنيين إلى منطقة محدودة في جنوب قطاع غزة مع عزل مقاتلي حماس، وثالثها الاجتياح البري ودخول القوات الإسرائيلية إلى أغلب مناطق القطاع وتعزيز احتلالها والسيطرة عليها.

وتعليقا، قال الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي، إن القصف العنيف، الذي شنه جيش الاحتلال على غزة، يشي بأن عملية “عربات الإبادة الجماعية” بدأت بالفعل في تسخين محركاتها حتى قبل أن تبدأ المجزرة الكبرى المسماة “عربات جدعون”.

وأمس الجمعة، ذكر بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي، أن قواته بدأت هجمات مكثفة وحشدت عناصرها للسيطرة على مناطق استراتيجية في قطاع غزة، في إطار الخطوات الافتتاحية لعملية عربات جدعون وتوسيع الحملة في غزة، لتحقيق جميع أهداف الحرب في غزة، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس.

وأضاف الجيش :” ستواصل القوات في القيادة الجنوبية عملياتها لحماية المواطنين الإسرائيليين وتحقيق أهداف الحرب”.

ويرى مراقبون أن خطة “عربات جدعون” مصممة بمرونة تكتيكية تسمح لتل أبيب، بتعديل المسار أو إيقاف العملية إذا لاحت في الأفق فرص تفاوضية جزئية مع “حماس”، وخصوصا حول ملف الرهائن.

التخلص من حماس

وتطمح تل أبيب إلى محو حركة حماس، كطرف سياسي وعسكري، غير أن ذلك يبدو أقرب إلى الأمنيات الاستراتيجية منه إلى الوقائع، فـ”حماس” تُدرك أنها ليست في موقع يسمح لها بالاستسلام، كما أن منطقها الأيديولوجي يستند إلى رفض الاعتراف بـ”العدو الصهيوني” أو الدخول في تسويات مفرّغة، فضلا عن تمسك أهالي القطاع وترابطهم بها، وهو ما أفشل كل محاولات الشقاق بين المدنيين وقادة الحركة.

ويرى مراقبون أن الخطة الصهيونية، لم تعد تكترث بالدرجة نفسها للمجتمع الدولي أو للقانون الدولي، وتوسّعت أهدافها لتشمل إعادة هندسة الواقع السكاني في غزة على المدى الطويل. 

التهجير إلى ليبيا

وصباح اليوم السبت، ذكرت قناة “إن.بي.سي” الأمريكية عن عدة مصادر مطلعة قولها، إن إدارة الرئيس ترامب تخطط لنقل أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم، مضيفة أنه الخطة قيد الدراسة بشكل جدي.

وأضافت القناة أن الإدارة الأمريكية تحدثت مع القيادة الليبية في هذا الأمر، لكنها لم تتحدث عن موافقة أو رفض ليبي لهذا المخطط. 

وبحسب القناة فإن واشنطن أعلنت أنه مقابل إعادة توطين الفلسطينيين، ستفرج الإدارة الأمريكية عن مليارات الدولارات من الأموال التي جمدتها واشنطن قبل أكثر من 10 سنوات.

ولم تعلق القيادة الليبية على هذا المقترح بالإيجاب أو السلب، لكن ترامب قد مارس من قبل مثل هذه الضغوط على مصر والأردن، لكنهما أبديا رفضا شديدا لهذا الأمر، رغم تلويح ترامب بوقف المساعدات الأمريكية المقدرة بمليارات الدولارات. 

 

وتسعى خطة عربات جدعون إلى تفريغ مناطق محددة في غزة تعتبرها “إسرائيل” ذات أهمية أمنية أواستراتيجية، مثل مناطق مدينة رفح التي تمّ تدميرها وإخلاء سكانها بعد احتلالها الكامل. 

والهدف من الخطة لم يعد مواجهة حماس فحسب، بل إعادة تشكيل التركيبة السكانية وتغيير الواقع الديموغرافي في القطاع بما يتماشى مع الطموحات الإسرائيلية في تعزيز أمنها المستقبلي والسيطرة على بعض المناطق التي ترى فيها تهديدا مباشرا في مفهومها الإحلالي.

اختلاف جوهري

وخطة عربات جدعون تختلف عن الخطط السابقة، فالهدف منها هو تحقيق تغيير ديموغرافي طويل الأمد في غزة، وهو ما يعكس تحوّلاً في الاستراتيجية الإسرائيلية التي تنتقل من التفكيك العسكري لحماس إلى محاولة إعادة تشكيل غزة سياسيا وجغرافيا. 

رغم أنّ “إسرائيل” تعرض خطة “عربات جدعون” كخطوة عسكرية حاسمة تستهدف إسقاط حكم حماس واستعادة الأسرى، إلا أنّ الوقائع تشير إلى أنّ الهدف يتجاوز التنظيم إلى السكان أنفسهم. 

رفض دولي للخطة

من جهتها أعلنت منظمة الأمم المتحدة، عن رفضها المشاركة في تنفيذ خطة “عربات جدعون” معتبرة أنها خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني.

كما أن دولاً عربية كالإمارات نأت بنفسها عن المشروع، ورفضت المشاركة في توزيع المساعدات، ما يُضعف من شرعية الجهد الإنساني الموازي، ويمنح “حماس” فرصة لمهاجمة الخطة باعتبارها “غطاء للاحتلال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى