تساؤلات مشروعة للمسلمين في ظل الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين

بقلم: الهيثم زعفان
من المعلوم أن هناك العديد من الأصول والأموال والاستثمارات العربية والإسلامية المستثمرة والمودعة والمدخرة في الأسواق والشركات والبنوك الأمريكية وقيمتها بتريليونات الدولارات، وقد حذرنا كثيراً عبر الدراسات والمقالات المتعددة من المخاطر المحدقة بهذه الأموال والممتلكات العربية والإسلامية المغتربة؛
والآن نحن أمام حرب جديدة أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويبدو أن الأمور في طريقها للخروج عن السيطرة وطول الأمد في ظل تحول معركة الرسوم الجمركية مع الصين إلى ما يشبه المزاد والاستعلاء والكبرياء.
وهنا وفي ظل قاعدة (رأس المال جبان) أجدني مدفوعاً لطرح مجموعة من التساؤلات المشروعة وأضعها بين يدي كل ثري وحاكم مسلم قد تحترق أمواله وأموال دولته كوقود لهذه الحرب الاقتصادية العبثية بين أمريكا والصين؛ وهي:
مجموعة من التساؤلات
التقارير الاقتصادية تؤكد أن الشركات الكبرى في أمريكا ستواجه خسائر وأزمات طاحنة؛ ومعلوم أن هناك استثمارات إسلامية ضخمة في الشركات الأمريكية الكبرى؛
فكيف سيواجه الأثرياء العرب والمسلمون هذه الخسائر؟ وهل يمكنهم تفاديها بالانسحاب المبكر قبل تفاقم الأزمات؟.
الصعوبات والتحديات التي ستواجه الشركات الأمريكية الكبرى ستؤثر حتماً على سوق العمالة في الداخل الأمريكي بدءًا من إيقاف التوظيف الجديد مروراً بتخفيض الرواتب انتهاءً بتسريح العمالة، وعلى المستوى السسيولوجي معلوم أن هذا الاضطراب الوظيفي قد يتحول إلى احتجاجات ممتدة في الشوارع الأمريكية الأمر الذي سيؤثر حتماً على الاستقرار السياسي والأمني في الداخل الأمريكي، وسؤالي هو: هل بيئة فيها كل هذه الاحتمالات الاضطرابية تعد ملاذاً آمناً للأموال والاستثمارات الإسلامية الراهنة واللاحقة؟
المعركة بين أمريكا والصين الآن تحولت إلى معركة كبرياء، ومن يفهم الصين يعلم جيداً أنها لن تركع لأمريكا، ولن تخضع لتقبيل ما طلب ترامب تقبيلها، وفي ظل هذا الكبرياء المتبادل قد يلجأ الطرفان إلى استخدام (الأوراق القاتلة) وفي مقدمتها ورقة الصين الأقوى وهي (ورقة المعادن الأرضية النادرة العمود الفقري للصناعات التكنولوجية)، في حين أن ورقة ترامب القاتلة هي (ورقة النفط) وهي ورقة تعد الدول الإسلامية هي المتحكم الأبرز فيها، وهي من ستدفع فاتورتها الباهظة إذا تم اللجوء إليها، فهل لدى حكام الدول الإسلامية الاستعداد لتحمل الخسائر المالية الضخمة إرضاءً لرغبات وكبرياء ترامب؟.
بعض الدول العربية أعلنت أنها ستضخ مئات مليارات الدولارات الجديدة للاستثمار في (أمريكا- ترامب) فهل البيئة الاقتصادية المتوترة التي يصنعها ترامب الآن تسمح بضخ أموالٍ جديدة؟ إن قاعدة (رأس المال جبان) تفرض على كل حكيم أن يتريث قبل ضخ أي أموالٍ جديدة في هذه البيئة الأمريكية الترامبية المتوترة، أليس كذلك؟!
تشير معظم التقارير إلى أن السوق العقاري والفندقي في أمريكا سيشهد هزات عنيفة، ومعلوم مدى انتشار الأموال العربية والإسلامية في هذا القطاع العقاري والفندقي الأمريكي، فهل وضع الأثرياء المسلمون خطة للانسحاب الهادئ من هذا القطاع مما يجنبهم احتمالية الخسائر الكبرى، أو على أقل تقدير إيقاف الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع العقاري والفندقي؟
في الساعات الماضية أعلنت ألمانيا أنها تدرس سحب مخزونها من الذهب والمودع في أمريكا منذ عقود والذي يقدر بـ 1200 طن من الذهب، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: إذا كان الألمان قد فكروا هذا التفكير ومعلوم عنهم الدقة الشديدة، فلماذا لا يفكر المسلمون مثلهم ويسيرون على دربهم في دراسة سحب أموالهم وذهبهم ومدخراتهم واستثماراتهم المغتربة في الديار الأمريكية؟
في الختام..
فإن نصيحتي المخلصة للأثرياء المسلمين وحكام الدول الإسلامية تتلخص في جزئيتين:
الأموال التي بين أيديكم استخلفكم الله سبحانه وتعالى فيها، وكل واحد منكم سيدخل القبر وحده، وسيحاسب وحده على هذا الاستخلاف،
وهذه الأموال عرضة الآن أكثر من أي وقت مضى للهلاك في ظل هذه الحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية المشتعلة، والتي يتوقع كثير من الخبراء طول أمدها؛
ونصيحتي لكم:
أدركوا أموالكم واستثماراتكم، وكلفوا المستشارين المسلمين الأمناء لوضع خطط الانسحاب التدريجي والآمن لأموالكم من المناطق المتوترة حيث أمريكا ترامب المتهور، إلى المناطق الآمنة في قلب العالم الإسلامي حيث حقوق البلاد والعباد عليكم، وأمانة الاستخلاف في أموالكم،
وبركة الإنفاق فيما يرضي ربكم، وأوقفوا فوراً أي ضخ مالي استثماري أو ادخاري جديد إلى أمريكا، وانتبهوا من توريط ترامب لكم في معركته المتهورة والمتغطرسة مع الصين.
أنتم الآن أمام اختبار دقيق وفرصة عظيمة لاستثمار هذه الحرب الاقتصادية الدائرة بين أمريكا والصين للضغط على أمريكا بأوراقكم المتعددة والقوية من أجل تركيع الكيان الصهيوني وتقليم أظفاره، وقلب المعادلة في غزة،
وغلق ملف التهجير، وتحقيق أعلى درجات الإغاثة والدعم للشعب الفلسطيني، أيها الأثرياء والحكام الأفاضل نصيحتي لكم جربوا الضغط المحترف بأوراقكم المالية والاقتصادية القوية لصالح القضية الفلسطينية- حسبة لله سبحانه وتعالى- وستجدون ما يسركم ويسر أمتكم بإذن الله.