تقاريرسلايدر

26 رمضان 193هـ: مصرُ تخرج لـ استقبال السيّدة نفيسة

– السيّدة: نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، أمير المؤمنين، وحفيدة فاطمة الزهراء البتول، ابنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

– وُلِدَت يوم الأربعاء، 11 ربيع الأول (145هـ) بمكة المكرمة.

– لم تكشف لنا كتب التاريخ الدوافع التي أدّت لقدوم السيدة نفيسة مع زوجها إلى مصر، وهل كانت دوافع سياسية ناتجة من الضغوظ التي كان يواجهها آل البيت من قِبل القُوى الحاكمة، وقد كان والد السيدة نفيسة واليا على المدينة أثناء خلافة أبي جعفر المنصور، ثم غضب عليه وعزله، ولذا رحلت معه وزوجها إلي مصر، أم أن هناك دوافع أخرى، ومنها زيارة بعض أهل البيت النبوي لـ مصر، كما جاء في بعض المصادر التاريخية؟

– خرجَ أهلُ مصر لاستقبال السيّدة نفيسة، عند مدينة العريش (سيناء)، وقبل دخولها مدينة الفسطاط (عاصمة مصر) بالتهليل والتكبير.

– وصلت السيدة نفيسة إلى الفسطاط (القاهرة) يوم السبت 26 رمضان 193هـ، فخرجت مصرُ من أقصاها إلى أقصاها، وجاء المصريون من كل حدبٍ وصَوب، في مظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ مصر، فقد ترك المصريون قراهم ومدنهم البعيدة والقريبة من العاصمة، وازدحمت الفسطاط (القاهرة)، حتى ضاقت على أهلها، وذلك قبل قدوم الإمام الشافعي بـ 5 سنوات، واستقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل، وبحفاوة هائلة، لم تحدث مع أحدٍ من قبل في تاريخ مصر كله، وباستقبالٍ لم يحدث مع سلاطين أو ملوك، وهو ما أدهش السيّدة نفيسة،

– ظلَّ المصريون يتوافدون من جميع أنحاء مصر على السيّدة نفيسة، يلتمسون منها العِلم، وحُبًّا في حفيدة نبيّ الأمة، حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: (كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى)

– فزعَ أهل مصر لقولها، وأبَوا عليها رحيلها، فخرجت المدينة كلها تتوسط لدى زوجها لتقبل البقاء بينهم، ولا تغادرهم.. حتى تدخَّلَ والي المدينة “السَّري بن الحَكَم بن يوسف” فوهبها دارًا واسعة، ثم حدَّدَ يومين أسبوعيًّا يزورها الناس فيهما؛ طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ للعبادة بقية الأسبوع، فقبلت السيدة “نفيسة العلم” وساطة أهل مصر، ورضيت وبقيت بينهم.

– أصاب السيدة نفيسة المرض في شهر رجب سنة (208هـ) وظلَّ المرض يشتَدّ ويقوَى، حتى رمضان، فبلغ المرَضُ أقصَاه، وأقعدَها عن الحركة، فأحضَروا لها الطبيبَ فأمرها بالفطور، فقالت: (واعجبًا، منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه وأنا صائمة، أأفطر الآن؟! هذا لا يكون).

ثم راحت تقرأ بخشوعٍ من سورة الأنعام، حتى وصلت إلى قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 127] فغُشيَ عليها.

تقول زينب – بنت أخيها: (فضممتُها إلى صدري، فتشهّدت شهادة الحق، وصعدت روحها إلى باريها في السماء.)

– بكاها أهلُ مصر، وحزنوا لموتها حزنًا شديدًا، لم ير التاريخ مثله، وذكرَ المؤرخون تفاصيلا كثيرة عن ذلك اليوم الذي خرجت فيه مصر كلها تنتحب، وتبكي حفيدة النبي.

– أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند جدّها (صلى الله عليه وسلم)، ولكن أهل مصر تمسّكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأَبَى، ولكنه تراجع أمام الإصرار الشديد للمصريين، واستخار الله، ودفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.

(توضيح: السيدة نفيسة حفرت مكانا في بيتها بمصر، كانت تجلس فيه للعبادة، بعيدا عن صخب الدنيا، ولم تقل إنه قبرها، لأنها كانت تنوي العودة للمدينة للموت هناك.)

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights