ما تفسير قوله تعالى “لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ”؟

تستمر دار الإفتاء الليبية، بالدور الدعوي والرد على أسئلة الجمهور فيما يتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية.
وعبر صفحتها على موقع ” فيس بوك” نشرت دار الإفتاء سؤالًا لأحد الأشخاص جاء فيه :” ما هو تفسير قوله تعالى :” لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ”.
وجاءت الإجابة كالتالي :” هذا رجوعٌ إلى الكلام عن اليهود، بأنهم قد حقت عليهم اللعنة، ثم بين السبب في هذا اللعن على وجه الحصر في أمرين: الأول بما عصوا وكانوا يعتدون، والثاني كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه،
والحصر استفيد من الاستئناف البياني في قوله: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)، فهو واقع موقع الجواب عن سؤال مقدر، كأن سائلا سأل فقال: لماذا لعنوا؟
فأجيب: لأنهم عصوا وكانوا يعتدون، والمعنى: ما أصابهم اللعن إلا بسبب عصيانهم، وتمردهم على أوامر الله، واعتدائهم على الأنبياء.
فالإشارة في قوله (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا) إلى ما ذكر من لعْنهم، والباء في (بِمَا عَصَوْا) للسببية، وما مصدرية، والعصيان: ترك المأمور به، والاعتداء: عُدوانهم وتعديهم على محارم الله، بما في ذلك قَتْلُهم الأنبياء، وعدَاوَتُهم للنبي ﷺ والمسلمين.
وفي الآية إقامة للحجة عليهم بأن لعن اليهود مذكور في كتبهم، ثابت في الزبور (عَلَى لِسَانِ) نبيهم (دَاوُودَ) عليه السلام، وفي الإنجيل على لسان نبيهم (عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) عليه السلام، فهو على لسانيهما؛ لأنهما اثنان، وأفرد اللسان لعدم اللَّبْس،
وعبر بالفعل وهو (عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) مع ما المصدرية، دون الإتيان بالمصدر؛ كأن يقال بعصيانهم وعدوانهم، ليفيد أن حصول الاعتداء منهم لم يقتصر على الماضي، بل هو أيضا – مع حصوله في الماضي – متجددٌ مستمرٌّ لم يتوقف، وهو ما أفاده استعمال الفعل عَصَوا وكانوا يعتدون.