مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: وحين يتوهم البعض أن يلغي الله النار

بذاك الوهم -لو عقلوا- تختلف كافة أسس الإيمان بالله واليوم الآخر بكل تفاصيله

فإن الخلل في إلغاء العذاب بالنار بالكلية يجعل قضية اليوم الآخر مختلة كلها

دعنا نتساءل عن عذاب القبر وأهوال القيامة وطول الوقوف والشفاعة والصراط ووزن الأعمال أهذه كلها كانت عبثا؟ وهي تسبق عذاب النار وهي حق نؤمن بتحققه يقينا وآيات كثيرة نزلت مذكرة ومحذرة منها فهل هذا عبث؟!

وماذا بعد هذا الإلغاء المدعى من ضياع حقوق العباد وهدر دم الشهداء وفوات نصيب المظلومين!

وماذا عن الظلمة والعتاة الذين يصبر المظلومون عليهم ثقة في عدالة الله تعالى وانه سيشفي قلوبهم ويذهب غيظهم فيهم أفيفلتون بمظالمهم

وماذا عن الفرق بين عصاة المسلمين الذين يود الذين كفروا لو كانوا مثلهم بعدما يخرجهم ربهم من العذاب برحمته وبشفاعة المؤمنين أفيستوون اذن وهل وصف السورة (أول الحجر) لهذا التمني كان وهما؟!

وما مصير الفرق الثلاثة على تتفاوت مراتبهم

الكفار والمنافقين على دركاتهم

عصاة المؤمنين على تفاوتهم

والمؤمنين من المقربين وأهل اليمين

فهل يستوون؟

يمكن ان يقال ان الله عفو غفور رحيم لا يهلك عليه الا هالك مستحق للعذاب حقا وأن رحمته تغلب غضبه وأنه يرحم من يستحق وأن عفوه عظيم فلا ييأس منه إلا هالك

اما ان يقال ان الله تعالى يلغي العذاب كلية اتكاء على رحمته فهذا وهم وتجريئ للناس على المعصية وأمن من مكر الله وتسوية جائرة

حاشا لله أن يفعل فيسوي بين من أطاعه ومن عصاه وكفر به فيجمع بين من عاداه ومن عادى فيه

فهو الذي قال ﴿نَبِّئْ عِبادِي أنِّي أنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾  ثم أتبعها ﴿وأنَّ عَذابِي هو العَذابُ الألِيمُ﴾ (سورة الحجر: الآيتان 49-50)

وبكت الله أهل النار على سخريتهم من المؤمنين ثم يتمنون الرجعة:

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ* قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ* إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ* فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ* إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ*} [المؤمنون 107-111]

وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}  (سورة ص: الآية 28)

والآيات كثيرة

والعقل يميز

 ولكن الإغراب والتعالم داء عافانا الله وإياكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى