“الكوميديان” الذي أضحكَ “طوب الأرض” ومات جائعًا حزينًا
1- قبل أن تعاتبني لأنني أتحدث عن أحد رموز فن التشخيص، سأقول لك: تشغلني دائما قضية (الإنسان) خليفة الله في الأرض، ولذا نصوّب الضوء على الزوايا المُعتمة، وأبواب الوجع الإنساني للشخصية، للاعتبار مِن وَهم الشهرةِ وأمراضها.
2- (إسماعيل ياسين إسماعيل علي نخلة)
الميلاد: 15 سبتمبر 1912م، السويس.
الوفاة: 24 مايو 1972م، القاهرة.
3- – كان إسماعيل هو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال،
4- وُلدَ بمدينة السويس (مصر)، وماتت والدته وهو لا يزال طفلا، وبسبب جشع زوجة والده، أفلس محل الصاغة، ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه، فاضطر إسماعيل للعمل مناديًا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسؤولية نفسه منذ صغره.
5- كان إسماعيل تلميذا ذكيا، متفوقا، التحق بأحد الكتاتيب، وحفظَ بعض سور القرآن الكريم، وأكمل تعليمه بإحدى المدارس الابتدائية، حتى الصف الرابع الابتدائي، ورغم أن تعليمه توقّفَ عند الصف الرابع الابتدائي، لكنه كان يجيد القراءة والكتابة بطريقة فائقة.
6- اضطر إلى هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
7- عندما بلغ من العمر 17 عاما اتجه إلى القاهرة في بداية الثلاثينيات، حيث عمل صبيًّا في أحد المقاهي بشارع محمد علي، ثم وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولا… واستمرت رحلته في القاهرة، حتى كان اللقاء بالمؤلف أبو السعود الإبياري.. لتبدأ حياة إسماعيل ياسين الفنية..
8- بعد الانتشار الواسع لإسماعيل ياسين، وتصدّره للمشهد الفني في مصر والعالم العربي، كانت الأفلام المُوَجّهة بالأمر المباشر من القيادة، وكانت تحمل أغلبها اسم إسماعيل ياسين، ومن هذه الأفلام: إسماعيل ياسين في الجيش، إسماعيل ياسين في البوليس، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين في البحرية، إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين، إسماعيل ياسين طرزان، إسماعيل ياسين للبيع، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة.
وكان معظمها من تأليف أبو السعود الإبياري.
(قال إسماعيل ياسين قبيل وفاته إنه قام بتمثيل تلك الأفلام بأوامر عليا، بثمن بخس،، وأجر رمزي جدا)
9- انحسر نجم إسماعيل ياسين في آخر عشر سنوات من عمره، بسبب مرض القلب، والنقرس، ونساه الناس، ومات فقيرا لا يجد قوت يومه، ولم يستطع دفع إيجار الشقة التي كان يسكنها..
أسباب غضب “عبد الناصر” على “إسماعيل ياسين”
10- في يناير 1969م، كان جمال عبد الناصر في زيارة للمملكة المغربية، وخرج مع الملك في سيارة مكشوفة لتحية الجماهير الغفيرة التي جاءت من أنحاء المملكة لتحيّته، ومن بين تلك الحشود، اخترق رجل مغربي بسيط الحواجز، واقترب من السيارة، وظل ينادي بأعلى صوته: (يا ريّس.. يا ريّس)، فأوقف جمال السيارة، وسلّم على الرجل الذي قال له: (لما ترجع مصر يا ريّس؛ سلّم على إسماعيل ياسين)، فأسرّها جمال في نفسه، فقد كان يرى نفسه ظِلّ اللّهِ على الأرض، والمحبوب الأول والأخير.
11- كانت الدولة قد استولت بواسطة الضرائب على جميع أملاك إسماعيل ياسين، وحرمته من العمل.. وذلك بسبب نكتة قالها بين مجموعة من أصدقائه في جمال عبد الناصر، ووَصَلت النكتة الساخرة لعبد الناصر الذي كان ينتظر الفرصة للقضاء عليه، بعد حادثة المملكة المغربية.. فتمت معاقبة إسماعيل، ليموت وهو على قيد الحياة: جوعًا وخَوفًا وذُلًّا..
12- مات إسماعيل بسبب أزمة قلبية، كانت بعد مشاجرة عنيفة مع ابنه الفاسق المخرج الراحل: “ياسين إسماعيل ياسين” بسبب انحراف ياسين وعودته مخمورا مع شروق الشمس يوميا من الملاهي الليلية، وعندما احتدَ عليه والده، اعتدى ياسين بالضرب عليه، فمات إسماعيل حزنا بعد ساعتين.
وهذا ما أكده المؤرّخ حسين العشِّي في كتابه: (رجال صنعوا السويس) وقال إن ياسين ضرب والده، فتوقّفَ قلب إسماعيل ياسين عن الخفقان، ومات بعدها بأقل من ساعتين..
…….. …
يسري الخطيب