الثلاثاء أكتوبر 8, 2024
أقلام حرة

التقارب بين تركيا والنظام السوري.. سعي لتثبيت الأوضاع وإفشال الحراك

مشاركة:

بقلم: أحمد سعد الفتال

في إطار المباحثات التطبيعية بين تركيا ونظام الأسد، أجرى مسؤولون عسكريون أتراك، لقاء مع مسؤولين لدى النظام في قاعدة «حميميم» الجوية الروسية، بمحافظة اللاذقية، وهو الاجتماع الأمني الأول من نوعه على الأراضي السورية، وفق ما كشفت صحيفة «آيدِنلك» التركية في 15/6/2024.

ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بأنها «مقربة من الحكومة السورية»، أن المحادثات التي حصلت يوم 11 حزيران بين الجانبين، جرى استئنافها بعدما كانت مجمّدة لفترة من الوقت، حيث تضمن اللقاء تركيزاً على آخر التطورات في إدلب ومحيطها.

وكشف المصدر أن اللقاء المقبل بين الطرفين سيعقد في العاصمة العراقية بغداد، حيث قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يوم 31 أيار «إننا نحاول خلق أساس للمصالحة والحوار بين سوريا وتركيا». مضيفاً أن «المفاوضات بهذا الشأن مستمرة. ونأمل أن تكون هناك بعض الخطوات في هذا الصدد قريبًا».

قبل تحليل أهداف هذا اللقاء، يجدر بنا التذكير باجتماعات التطبيع السابقة بين تركيا والنظام، حيث لم يكن اللقاء الأخير هو الأول بين الجانبين، فقد أشار وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو في 29/4/2023 إلى أن رؤساء استخبارات بلاده وروسيا وإيران والنظام السوري اجتمعوا 3 مرات، كما اجتمع وزراء الدفاع مرتين، وعُقد إلى جانب ذلك اجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية.

وبعد ذلك التصريح بنحو عشرة أيام عُقد الاجتماع السياسي الأول لوزراء خارجية (روسيا وتركيا وإيران ونظام الأسد) في موسكو، يوم 10/5/2023، وعلى أساس نتائجه، أمر الوزراء بإعداد مسودة خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام.

وحينئذ، حدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المواضيع ذات الأولوية في خريطة الطريق، وتشمل حل مشكلة استعادة «الحكومة السورية» السيطرة على جميع أنحاء البلاد، وضمان أمن الحدود السورية التركية، والقضاء على احتمال وقوع هجمات عبر الحدود وتسلل «الإرهابيين». (نوفوستي الروسية 10/5/2023)

وكان لافتاً إجراء ذلك الاجتماع بعد ثلاثة أيام فقط من قرار جامعة الدول العربية بإعادة النظام المجرم إلى صفوفها بعد غياب 11 عاماً، ما يدل على أن تطبيع العلاقات مع الأسد يأتي في سياق خطة دولية، أعدّها طرف واحد، هو الولايات المتحدة، الممسكة بزمام الملف السوري، وينفّذها الوكلاء والأتباع.

أما عن أحدث لقاء بين أنقرة والنظام، فهو بحسب السياق التاريخي يأتي في ظل موجة الحراك الشعبي ضد قيادة هيئة تحرير الشام المسيطرة على منطقة إدلب، وهي المنطقة ذات الثقل الأقوى فيما يُعرف بالمناطق المحررة، والهدف من هذا اللقاء الذي جاء بعد فترة من انقطاع الاجتماعات بين الطرفين، هو محاولة تحقيق تفاهمات معينة تُسهم في إبقاء سلطات الأمر الواقع في إدلب، و«تفرمل» عجلات الحراك الشعبي الذي يسعى لإزالة القادة المنفِّذين للقرار الدولي بإنهاء الثورة، وقد تتمثّل هذه التفاهمات باتفاق الجانبين على أعمال عسكرية تعيد رسم خارطة النفوذ في الطريق الدوليM4،لاسيما بمنطقة جبل الزاوية ريف إدلب.

وقد سرّبت شخصيات سورية معارِضة، أن تركيا طلبت من نظام الأسد، عبر تواصلهما الأمني، أن يتعاون بعملية عسكرية ضد ميليشيا «قسد» في منطقتي عين العرب ومنبج شرقي حلب، بينما طلب النظام بوساطة روسية أن تعطيه أنقرة مقابل ذلك تنازلاً حول طريق M4، وما يجعل من هذا السيناريو احتمالاً وارداً؛ أنه سبق الاجتماعَ الأخير في حميميم تصريحُ وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، يوم 9/6/2024، الذي حذّر فيه من «تصاعد التوترات في سوريا»، مشيراً إلى أنها «منطقة أخرى محفوفة بالمخاطر وتظهر ميلاً للتصعيد». وقد يُفهم من هذا التصريح أنه يمهّد لتسخين الوضع العسكري في الشمال السوري من جديد.

على أية حال، ليس مؤكداً حصول سيناريو محدَّد، فقد تتغير المعطيات، لكن المؤكد أن واشنطن ووكلاءها وعملاءها، يبذلون جهداً كبيراً للمكر بالثائرين المخلصين، ومنع الصادقين من استعادة قرار الثورة، وتنفيذ الحل السياسي الخادِم للنظام، وهم على استعداد لاستخدام أي خطة أو أسلوب لتحقيق هذا الغرَض، ويَصِلون الليل بالنهار لمتابعة تطورات الأوضاع في إدلب، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، لراديو الكُل في 29/5/2024 إن «الولايات المتحدة تراقب عن كثب الوضع في محافظة إدلب».

لذلك ينبغي على أهل الثورة أن يدركوا أنهم حين يقفون بوجه زعيم هيئة تحرير الشام، فإنهم لا يناهضون شخصاً فقط، بل يقفون في وجه مخططات دولية وراءها أميركا بالدرجة الأولى، لذلك يجب أن توضع الأمور في نصابها، وأن يستعينوا بالله للمضي بها حتى النهاية مهما كلّف الثمن، وأن يحذروا من الأساليب والاقتراحات «الالتفافية» على الحراك الذي -إذا سار بنهج صحيح- يمتلك فرصة لتشكيل المشهد الثوري على أساس رؤية صادقة نظيفة نابعة من عقيدة الأمة وثوابت الثورة، فهل يعي الثوار على حجم المكر الكبير فيعملون على مغالبته وتحييده؟ أم يقعون فريسة للفخاخ السياسية والأفكار التضليلية فيبتعدوا عن أهدافهم؟ هذا ما ستبيّنه لنا الأيام المقبلة.

منتدى قضايا الثورة

Please follow and like us:
أحمد سعد فتال
ناشط سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *