مقالات

د. عبد العزيز كامل يكتب: نعيد من جديد (2)

معارك تكسير العظام.. بين الواقع والمتوقع

أظهرت أحداث لبنان واقع العداوة الحقيقية – لا المسرحية- بين أمريكا وحلفائها من جهة؛ وبين إيران وأذرعها من جهة أخرى، وبدت تلك البدهية من خلال استهداف اليهود بالقتل المذل لأبرز رموز الزعامة الشيعة عجما وعربا، بدعم أمريكي وغطاء غربي، حتى اضطرت إيران اضطرارا أن ترد على اليهود صاروخيا، فتعطي أعداءها المتربصين بها أكبر الذرائع التي ينتظرونها لتقليم أظافرها وقص مخالبها، حتى لا تغري غيلان الشرق بالوصول إلى أخطر مناطق نفوذ الغرب في جزيرة العرب.

قوة إيران العسكرية وتجهيزاتها النووية وثرواتها البترولية؛ في دائرة الاستهداف الإسرائيلي العاجل والمتوقف على موافقة الأمريكان وتوافر الإمكانات، فالتوقيت قريب، ولكن لهدف بعيد؛ وهو الحيلولة دون اكتمال تشكيل معسكر شرقي جديد، يستهدف إنزال أمريكا من كرسي زعامتها القطبي العالمي الوحيد، فضرب إيران بعد حرب روسيا في اوكرانيا، كان لابد منهما لإرباك التحالف الشرقي الصاعد بقيادة الصين.

وفي المقابل فإن إيران ليست وحدها، فمشروعها الفارسي الامبراطوري يستند إلى ظهير خطير من الروس والصينيين، وربما الكوريين الشماليين؛ وسيلجأ قادتها غالبا للخيار (شمشون)؛ إذا وجدوا أن إيران ستواجه مصير صدام وزعيم حزب لبنان، بما يؤول في النهاية إلى هدم الجمهورية الفارسية، الطامحة للتحول إلى امبراطورية عالمية تتزعم العالم الإسلامي، بفرض مذهب الرفض.

الضربات الإسرائيلية المتوقعة قريبا قد تتورط فيها أمريكا، لاحتياج إسرائيل إلى دعمها المباشر، ومن المرجح حينها أن توجه إيران بأسها نحو المصالح والأهداف الأخطر لأمريكا في الجزيرة العربية، كالقواعد العسكرية والآبار النفطية، واستخدام الممرات المائية لخلق ازمات اقتصادية عالمية.

 وعلى هذا؛ فإن التهوين من شأن عوامل القوة لدى أصحاب المشروعين الصفوي والصهيوني؛ يضر في التفكير ويضلل في التحليل، والأمر باختصار يتمثل في أن إعادة تشكيل النظام العالمي القادم؛ هو أبرز قضايا الصراع القائم، وكل ماعدا ذلك من قبيل التفاصيل..

 أكتب هذا، لا على سبيل التكهن أو التنبؤ بأسرار الغيب -عياذا بالله- ولكن على طريقة من سئل عن العقل فأجاب: (الإصابة بالظن.. ومعرفة ما يكون بما قد كان)..

وما قد كان خلال العقود القليلة الماضية، كان خزان تجارب متشابهة في مقدماتها المنظورة؛ التي تكاد تتطابق في نتائجها وتداعياتها المتوقعة المنتظرة..

غير أن أخطر ما في تلك التداعيات والتوقعات -كما أرى- هو ما يحاك من أصحاب المشروعات سرا وجهرا ضد المقدسات، لما لها من قيمة بالغة المركزية والأهمية في بقاء الدين والملة والهوية..

ولكن هذا شأن آخر.. وله حديث آخر..

فإلى بقية بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *