أقلام حرة

سيف القلموني يكتب: الشيخ أحمد حفني.. وسنة الحجامة

(قصة رجل مصري.. جعله الله سببا في تغيير مجرى العالم العربي.. قد علمني أفضل درس في الحياة!!)

هناك رجل مصري.. هذا الرجل لم أنسه طوال عمري.. كان عنده هدف وإصرار وتصميم ويقين.. فنفع الله به الملايين في العالم العربي والإسلامي.. وجعله الله سببا في شفاء مئات الآلاف من المرضى!

قصة هذا الرجل كانت منذ حوالي ٢٣ سنة.. وقد رأيته وعايشت قصته بنفسي.. وكانت بداية ذلك أنه كان يعيش في (ألمانيا) مع زوجته الألمانية.. فوجدهم هناك يستخدمون (الحجامة !!) في علاج كثير من الأمراض.. وهم غير مسلمين!

فما كان من هذا الرجل.. إلا أنه تعلم طريقة الحجامة.. وجمع كل (المراجع الأجنبية) التي تتكلم عنها حول العالم.. ورجع إلى مصر هو وزوجته الألمانية..

هذا الرجل عندما رجع إلى مصر.. لم يستثمر خبرته في الحجامة من أجل (البيزنس) واستغلال المرضى.. بل كان يريد أن ينشر (الحجامة) بين الناس بأي وسيلة!! لأن الرسول ﷺ حثنا عليها!!

لدرجة أنه عندما كان يأتي إليه مريض ليتعالج.. كان لا يعالجه.. بل يقول له: هات أحدا أعلمه الحجامة حتى يفعلها لك!! وكذلك عندما يأتيه رجل زوجته مريضة.. فيقول له: تعال أعلمك الحجامة.. وأنت تفعلها لها!

(كل هذا يفعله الرجل.. من أجل نشر الحجامة بين الناس !!)

وكان يعطي للناس محاضرة واحدة نظرية وعملية تعلمهم معظم الأشياء عن الحجامة.. ويعطيهم (ملزمة) فيها مواضع الحجامة لكل مرض!!

هذا الرجل والله لا أنسى مكانه.. وكان قد اتخذ شقة متواضعة في الدور الأرضي من (حي الزيتون).. فحاله أنه كان يعلم الرجال لوجه الله.. وزوجته الألمانية تعلم النساء.. وكان يحاول أن يطور من (أدوات الحجامة)..

فكانت (الحجامة التقليدية) وقتها:

أن يأتي الإنسان بكوب زجاج فارغ.. ويضع فيه ورقة بعدما يحرقها.. وبعدما تنطفئ الورقة.. يضع الكأس على الجلد.. فينجذب الجلد ويتهيأ.. حتى يتجمع الدم ثم يتم التشريط.

فما كان من هذا الرجل إلا أنه توصل إلى فكرة ليس فيها نار ولا شيء.. وهو أنه كان يأتي بعبوات (لبن الأطفال الزجاجية الصغيرة الفارغة).. ويثقب فيها ثقبا.. ويوصلها بخرطوم.. يتم بعدها شفط الهواء من خلال الخرطوم بالفم.. ويلبس الكاس ببالونة.. حتى لا يتلوث الكاس بالدم..

ثم بعد ذلك طور الفكرة.. وجعل الشفط يكون بـ(سرنجة !!) ووضع فيها (بلف) حتى يكون في الأمر راحة بدل الشفط بالفم!!

كل هذا يفعله الرجل محتسبا لوجه الله – نحسبه كذلك – ويبيع أدوات الحجامة بسعر التكلفة.. لا يتقاضى فيها مليما واحدا.. وأخذ يطور الفكرة إلى أن وصلت إلى حالتها الآن من (علبة الحجامة المجهزة !!)..

وأخذ هذا الرجل يعلم الرجال.. وزوجته تعلم الناس.. إلى أن تعلم على يديه هو وزوجته أكثر من (100 ألف !!!) رجل وامرأة.. ولم يتقاض مليما واحدا من أجل ذلك!

ولا أنسى والله هذا اليوم.. الذي ذهبت فيه أنا ووالدي إليه منذ ١٨ سنة.. حتى يجري لوالدي حجامة بسبب الصوت.. لأن الوالد وقتها كان عنده تعب في الأحبال الصوتية.. وكان لا يستطيع أن يقرأ شيئا في الصلاة الجهرية.. فسمعت هذا الرجل يقول للوالد: (أنا أريد أن تنتشر هذه الحجامة بين الناس في كل مكان.. حتى وإن لم تنسب إلي.. وإن لم يذكر الناس اسمي!!).

ومن العجيب أن هذا الرجل ذهب ليعطي محاضرة في (جامعة طب عين شمس).. وأتى لهم بالمراجع الأجنبية.. وأخذ يشرح لهم طريقة الحجامة وعلاجها للأمراض.. وكان الدكاترة يستمعون إليه وهم في حالة عجب وذهول!! من هذه الحجامة التي يجعلها الله سببا في شفاء كثير من الأمراض!!

لدرجة أن المحاضرة كان لها وقت محدد.. فتجاوزت المحاضرة الوقت المحدد لها.. من كثرة أسئلة الدكاترة واستفساراتهم عنها!

وكان من شدة حرصه على نشرها.. أنه ذهب إلى أحد الدكاترة من أصدقائه.. وقال له: أريدك ان تكتب مقالا في الجريدة أنك اكتشفت شيئا جديدا اسمه (الحجامة).. وسآتيك بكل (المراجع الأجنبية) التي تتكلم عنها.. ولا تنسب إلى شيئا.. لأن الناس سيستمعون إليك لأنك (دكتور !!)

ومن الطرائف!! أذكر أنني عندما تعلمت الحجامة على يديه منذ ٢٢ سنة.. (وكان هذا عندي من باب العلم بالشيء وإحياء السنة.. وليس بغرض التجارة!!).. كان في مسجدنا رجل لا يستطيع أن يثني رجله من شدة المرض.. فرفقت بحاله وقلت له: إنني تعلمت شيئا اسمه (الحجامة).. وشرحتها له.. ثم أجريتها له.. فشفى الله هذا الرجل.. وأحب هذه الحجامة.. حتى صار من أشهر الحجامين في مصر..

الشاهد من هذه القصة:

أن غالب الحجامة في العالم العربي.. بشكلها الحالي.. كان السبب في انتشارها هو (رجل واحد فقط!!).. كان عنده قضية.. هو مؤمن بها.. وكان يسعى في تحقيقها بجد ومثابرة وعدم يأس.. حتى نشر الله هذه السنة على يديه.. وجعله الله سببا في تعلم الآلاف هذه السنة.. وشفى الله بسببها آلاف المرضى!!

فلا نيأس من طرح أفكارنا وأطروحاتنا العقدية.. من أجل رفع راية الدين.. ما دام عندنا ثقة ويقين بموعود نصر الله!!

حتى نتأسى بهذا الرجل.. الذي نشر الله به (سنة الحجامة) في العالم العربي والإسلامي!!

هذا الرجل هو الشيخ الأستاذ: (أحمد حفني!)..

أسأل الله أن يجزيه عنا خير الجزاء.. وأن يجعل كل ما فعله من جهد في ميزان حسناته.. فإن كان الناس لا يعلمونه.. فالله يعلمه.. ونسأل الله أن يكافئه على ذلك في الدارين؛

تحديث للمنشور:

قد توفي (الشيخ أحمد حفني) منذ ٥ سنوات في مكة.. وتمت الصلاة عليه في الحرم المكي.. وذلك بعد كتابتي هذا المنشور.. أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة.. وأن يسكنه فسيح جناته!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *