الأمة الثقافية

بالفيديو: رائعة د. تميم البرغوثي في رثاء المجاهد السنوار

ألا كَمْ كريمٍ عدَّه الدهرُ مُجرِما

‏فلمَّا قضَى صلَّى عليه وسلَّمَا

‏أبو القاسمِ المنفِيُّ عن دارِ أهلِه

‏وموسَى بنُ عمرانٍ وعيسَى بن مَريمَا

‏أتعرفُ دينًا لم يُسَمَّ جريمةً

‏إذا ضبطَ القاضي بها المرءَ أُعدِمَا

‏صَليبٌ وقتلٌ في الفِراش وعسكرٌ

‏بمصرَ وأُخدودٌ بنجرانَ أُضرِمَا

‏وطفلٌ وديعٌ بين أحضانِ أُمِّه

‏يراوغُ جَيشًا في البلادِ عَرمرَمَا

‏وقلَّ نبيٌّ لم تلاحِقْه شُرطةٌ

‏وأشباهُها في كلِّ دهرٍ تصرَّمَا

‏فمِن جوهرِ التوحيدِ نفيُ ألوهةِ الـ

‏ـمُلوكِ؛ لذا ما زالَ دينًا مُحرَّمَا

‏ولم يُؤمنِ الأملاكُ إلا تَقيةً

‏وفي المُلك شِركٌ يُتعبُ المُتكتِّمَا

‏وفرعونُ والنُّمرودُ لم يَتغيَّرَا

‏بقَرنينِ أو رَبْطاتٍ عُنْقٍ تهنْدَمَا

‏ونحنُ لعَمري نحنُ منذُ بدايةِ الـ

‏ـخَليقةِ يا أحبابَنا وهُما هُمَا

‏نعظِّمُ تاجَ الشَّوكِ في كلِّ مرةٍ

‏ولسنا نرَى تاجًا سواهُ مُعظَّمَا

‏ونرضَى مِرارًا أن تُرضَّ عِظامُنا

‏عَطاشَى ولا نرضَى دَعِيًّا مُحكَّمَا

‏مُسيَّرةٌ في شُرْفة البيتِ صادفَتْ

‏وحيدًا جريحًا يَكتسِي شطرُه دَمَا

‏قد انقطعتْ يُمناهُ وارتُضَّ رأسُه

‏فشدَّ ضِمادًا دونَه وتعمَّمَا

‏وأمسكَ ياليُسرَى عصًا كي يرُدَّها

‏فكانتْ ذُبابًا كُلما ذُبَّ حوَّما

‏وما أُرسلَتْ إلا لأنَّ كتيبةً

‏من الجُندِ خافتْ نِصفَ بيتٍ مُهدَّمَا

‏وقد وجَدُوه جالسًا في انتظارِهم –

‏أظنُّ – ومِن تأخيرِهم مُتبرِّمَا

‏ولو صوَّرتْ تحتَ اللِّثامِ لصَوَّرتْ

‏فتًى ساخرًا ردَّ العُبوسَ تبسُّمَا

‏تلثَّمَ كي لا يَعرفُوه لأنَّهم

‏إذا عرَفوه فضَّلوا الأَسْرَ رُبَّمَا

‏ولو أسَرُوه قايَضُوه بعُمرِه

‏لِذاكَ رأى خَوضَ المنيَّةِ أحزَمَا

‏فلم يتلثَّم كَي يَصُونَ حياتَه

‏ولكنْ لزُهدٍ في الحَياة تلثَّمَا

‏فقُل في قِناعٍ لم يُلَثْ لسَلامةٍ

‏ولكنْ شِعارًا في الحُروب ومَعلمَا

‏وقُل في جُموع أحجَمتْ خوفَ واحدٍ

‏وفي جالسٍ نحوَ المُشاةِ تقدَّمَا

‏أتى كُلَّ شيءٍ كي يَسُوء عدُوَّه

‏ولم يأتِ شيئًا في الحَياة ليسلَمَا

‏رمى بالعَصا جيشَ العَدُو وصيةً

‏لمَن عِنده غَيرُ العِصيِّ وما رمَى

‏رمَى بالعَصا لم يَبقَ في اليدِ غيرُها

‏ومَن في يديهِ العَسكرُ المَجْر أحجَمَا

‏غدا مَضرِبَ الأمثالِ منذُ رمَى بها

‏لكلِّ فتًى يحمِي سِواهُ وما احتمَى

‏جُلوسًا على الكُرسيِّ مثلَ خليفةٍ

‏يُبايعُه أهلُوه في الأرضِ والسَّمَا

‏فذلكَ عرشٌ يَرتضِيه ذَوو النُّهَى

‏وذاكَ إمامٌ قِبلةَ السَّعدِ يمَّمَا

‏هُنا يُصبحُ الإنسانُ دينًا مُجرَّدًا

‏ويُصبحُ دينُ الناسِ شَخصًا مُجسَّمَا

‏أتعرفُ؟ إنَّ الموتَ راويةُ الفتَى

‏يقولُ لحقٍّ أمْ لباطلٍ انتمَى

‏يعيشُ الفتَى مَهما تكلَّم ساكتًا

‏فإن ماتَ أفضَى موتُه فتكلَّما

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى