الإمام الأديب الداعية الرحالة، أبو الحسن علي الحسني الندوي والعرب

عبد السلام العمري
من الشخصيات البارزة والمهمة في المجتمع الإسلامي التي تركت تأثيرًا كبيرًا على المجتمع الإسلامي هو الشيخ أبو الحسن علي الندوي. لقد تأثرت كثيرًا به، فهو شخصية علمية وإصلاحية ودعوية وأدبية كبيرة على مستوى المحافل العلمية والأدبية الدولية.
لقد أثر بأسلوبه الحديث والمدهش على جميع المجتمع الإسلامي بثراء علمه وأدبه الثمين. كان إنسانًا رحيمًا، داعيًا، مصلحًا، وأديبًا. لقد نمت في شخصيته جميع الصفات النبيلة لشخصية إسلامية عظيمة.
اعترف أكبر وأبرز الشخصيات العلمية والأدبية في العالم بمكانته وقيمته وشخصيته الرفيعة. لقد أثر بكلماته وعظاته ونصائحه الأبوية والمخلصة ليس فقط على عموم الناس، بل أيضًا على جميع الشخصيات العلمية والسياسية في العالم. حتى الأمراء والملوك كانوا ينظرون إليه باحترام.
کانت له مکانة واسعة في قلوب جميع شعوب العالم والشخصيات البارزة التي كانت تتمتع بشهرة واسعة، وكانوا يعتبرونه صديقًا وأبًا روحيًا لهم. لم يكن يُعقد أي مؤتمر في الدول العربية والأجنبية دون أن يتولى هو رئاسته. هذه علامة على قبول الله تعالى له ولدى الناس. إنّ هذه المكانة الرفيعة التي حصل عليها هي نتيجة إخلاصه وسهره في الليل وعباداته المخلصة.
يقول الإمام، المفكر الإسلامي الكبير، يوسف القرضاوي، رحمه الله تعالى:
ولقد كان الشيخ الندوي واحدًا من هؤلاء الأفذاذ، الذين بعثهم الله لهذه الأمة ليجددوا لها دينها، ويعيدوا إليها يقينها، وينهضوا بها لتؤدي رسالتها، ومن حق الشيخ أبي الحسن على مَنْ يعرفه من علماء الأمة ودعاتها وأدبائها، أن يكتبوا عن الشيخ، ويجلّوا مآثره وفضائله، لتعرفه أجيال الأمة الصاعدة، وتتخذ منه أسوة وإمامًا. وبهذا يتواصل الأبناء والآباء، والأحفاد والأجداد، والخلف والسلف.
كان الشيخ الندوي رحمه الله تعالى، قيضه الله لتجديد الفكر الإسلامي وإحياء الوعي الديني والسياسي والثقافي في المجتمع الإسلامي، بعثه الله ليجدد لهذه الأمة المنكوبة المضطهدة التي تكالبت عليها الأمم من كل حدب وصوب، تاريخها ومجدها وعزَّها ويعيد لها مكانتها السامية.
الشيخ الندوي، أفني حياته الطيبة لإيقاظ الأمة الإسلامية وغرسِ الشجاعة والرجولة والشهامة والاستماتة في سبيل الله تعالى، سماحته قام بصولات وجولات في الشرق العربي حتى يقنعهم بأنّ لهم الصلاية والكفاءة التامة لإعادة قيادتهم ويأخذوا بناصية البشرية ويقودوها إلى الهداية والرشاد، بأنّهم أمة لعبت دوراً كبيراً في قيادة البشرية واخراجها من الجور والظلم والاضطهاد وهمجية الديكتاتوريات الحاكمة المستبدة التي تحكم البشرية وتستعبدها وتدوسها تحت أقدامها كفيلٍ هائج مجنون.
فلهذه الأمة الكريمة منة كبيرة على البشرية، حيث أنّها ثقفتها وهذبتها وأنقذتها من الأمية والجهل والغباء والبلادة، بعدما هي كانت تتسكع في دياجير الجهل والغباء، ومنذ انتزاع القيادة عنها واحتلال أراضيها وإهانتها خسرت الأمم المتحضرة خسراناً كبيراً في السياسة والعقيدة والأخلاق والقيم الإنسانية التي جاء بها إمام الرسالة الأخيرة السماوية،
بسبب هذه المسؤولية الكبيرة الإلهية التي كانت على عاتق حضرة العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي، كان يسافر إلى جميع البلدان العربية ليذكرهم بالمسؤولية التي كانوا يحملونها على أكتافهم لقرون طويلة.
هو داعية ومفكر، عاقل ومطلع، بقلب مليء بالإيمان واليقين، وبعقل وفكر مفتوح وحيوي بدأ يدعو المسلمين العرب، وكان يذكِّرهم دون أي مطامع وتملق وتزلف إلیهم تجاه هذه الرسالة الإلهية التي كان العرب حامليها.
المكانة العالية للعرب كانت تشغل مساحة كبيرة من تفكيره وأفكاره، حيث كان يوجه في خطبه وأحاديثه وكتاباته رسالتَه بشكل مباشر إلى العرب.
ذلك يقول الإمام أبو الحسن علي الحسني الندوي: ولو كانت أمةٌ تستحقُ مني أكبر تقدير وأعظم وفي إعجاب، لكان العرب من غيرِ نزاع. ولو كانت نفسي تدفعني للمجاملة مع أمةٍ من الأمم لكانت أمتي العربيَّة العظيمة. وعندي مما أمدح به هذه الأمة العربية بحق الكثير والواسع وعندي مما أرضي به نفوس هذه الأمة وأسماعها، وأرضي به عاطفتي كعضو من أعضاء هذه الأمة العظيمة الكريمة الكثير والكثير، وكلُّ ذلك ممّا يصدقه العلم والواقع ويقول العالم: صدقت، ويقول التاريخ: عدلت وبَرَرْتَ. ولكني أعتبر هذه المجاملة في هذه المناسبة جريمة خُلُقية، وأعتبرها خيانة عظيمةً في حق هذه الأمة، التي أدينُ لها في الدين والأخلاق والإنسانية والشرف، ويدين لها العالم والإنسانية في حياتها الجديدة وفي عقيدتها وخلقها،
الشيخ الندوي كان يعرف بأنّ المسلمين لا ينهضون ولا يتحركون حتى ينهض ويتحرك العربُ لأخذ القيادة العالمية من جديد، ولا تجتمع كلمة المسلمين إلا بعد اجتماع كلمة العرب، كما يقول الشهيد حسن البناء: ولن ينهض الإسلام بغير اجتماع كلمة الشعوب العربية ونهضتها.
ويقول الشيخ الندوي: عقدَ الله بين العرب والإسلام للأبد، وربط مصير أحدهما بالآخر، فلا عزَّ للعرب إلا بالإسلام ولا يظهر الإسلام في مظهره الصحيح إلّا إذا قاد العربُ ركبه، وحملوا مشعله.
ويقول الشهيد حسن البناء: إنَّ الإسلام والعروبة لازمان لا يفترقان، ولا بقاء للإسلام إلا بالعروبة.
الله تعالى لم يمنح العرب مكانة روحية واستراتيجية عظيمة فحسب، بل إن الطريق الوحيد لتوحيد المسلمين وجعل كلمتهم واحدة، وأن تتوحد صفوفهم، يجب أن تتحد الأمة العربية العظيمة والمكرمة، وأن تستيقظ من غفلتها، لتتولى قيادة الإسلام والمجتمع الإنساني.
الإسلام والعرب متداخلان ومترابطان كأنهما روح وجسد، كما أن الجسد لا يمكن أن يعيش بدون روح، كذلك الإسلام لا يمكن أن يظهر في صورته الحقيقية والراشدة دون العرب.
لهذا السبب، بذل الشيخ الندوي كل جهوده لإيقاظ الوعي الفكري والسياسي والثقافي لدى العرب، وكان يعظهم كأب حنون ومحب، لأنه كان يدرك المكانة العالية والقيمة الاستراتيجية للعرب في تحقيق أهداف الإسلام.
محاضراته التي القاها ناشد من خلالها العرب حكومة وشعبا تدل على أهمية العرب ومكانتهم السامية المرموقة لدى الشيخ الندوي، محاضراته: اسمعي يا مصر، اسمعي سورية…….. كلها تبين لنا أهمية الأمة العربية المباركة لدى الشيخ الندوي.
عبد السلام العمري