لليوم الرابع على التوالي، تتواصل المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران وسط تصعيد عسكري غير مسبوق، وصل ذروته يوم الأحد، مع تبادل أعنف الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة منذ اندلاع القتال فجر الجمعة. تطورات الأحد الدامية وضعت المنطقة أمام احتمال انزلاق خطير نحو مواجهة إقليمية أوسع، فيما تتحرك القوى الدولية لمحاولة نزع فتيل الأزمة.
مقتل رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني
في ضربة نوعية أعلنت عنها طهران، قُتل محمد كاظمي، رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعًا حساسًا قرب العاصمة، وفق ما نقلته وكالة “إرنا” الرسمية. وأكد الحرس الثوري الإيراني في بيان رسمي مقتل كاظمي إلى جانب ضابطين آخرين هما الجنرال حسن محقق، والجنرال محسن باقري، في عملية وُصفت بأنها “اختراق أمني خطير”.
وتُعد هذه الضربة ضربة قاصمة للمؤسسة الأمنية الإيرانية، لا سيما أن كاظمي يعتبر أحد العقول المدبرة للعمليات الخارجية، ويتمتع بنفوذ واسع داخل جهاز الأمن الاستراتيجي التابع للحرس الثوري. ويُعتقد أن استهدافه يحمل رسالة مباشرة من إسرائيل بقدرتها على الوصول إلى الصف الأول من القادة العسكريين داخل إيران.
خسائر بشرية واسعة في إيران
في السياق نفسه، أعلنت وزارة الصحة الإيرانية أن الضربات الجوية الإسرائيلية التي بدأت فجر الجمعة أسفرت حتى مساء الأحد عن مقتل 224 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 1000 آخرين، لافتة إلى أن ما يقرب من 90% من الضحايا مدنيون، سقطوا في مناطق سكنية تم استهدافها في العاصمة ومحيطها، وخاصة في أحياء مكتظة مثل طهران بارس وري شهرك.
وأكدت الوزارة أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع، بسبب وجود مئات المصابين في حالة حرجة، إضافة إلى استمرار عمليات الإنقاذ تحت الأنقاض في بعض المواقع التي تعرضت لقصف مباشر.
إيران ترد بقوة وتصيب أهدافًا إسرائيلية
على الجانب الآخر، أطلقت إيران دفعة جديدة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة مساء الأحد، استهدفت عدداً من المواقع الحيوية داخل إسرائيل، من بينها منشآت عسكرية في صحراء النقب، ومحطة كهرباء قرب حيفا، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وأكدت فرق الإطفاء الإسرائيلية أن مبنى سكنياً على الساحل المتوسطي تعرض لضربة مباشرة، مما أدى إلى إصابات وتدمير جزء كبير من البنية التحتية المحيطة به. كما دوّت صفارات الإنذار في مناطق عدة بوسط وشمال البلاد، خاصة في تل أبيب وحيفا والقدس، وسط حالة من الذعر العام.
وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن “أنظمة الدفاع الجوي اعترضت معظم الصواريخ، لكن بعضها اخترق الدفاعات”، مشيراً إلى أن القصف الإيراني “يُظهر تطوراً ملحوظاً في دقة الإصابات وكثافة الهجمات”.
تحرك دبلوماسي أوروبي عاجل
سياسياً، ومع اتساع رقعة التصعيد، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء المقبل، لمناقشة تطورات النزاع بين إيران وإسرائيل، في محاولة لتوحيد موقف أوروبي يسعى إلى خفض التوتر ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وأكد مكتب كالاس أن الاجتماع الطارئ يأتي “نظراً لخطورة الوضع في الشرق الأوسط”، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي هو “التنسيق بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد لاتخاذ موقف موحد يساهم في وقف التصعيد”.
وتُعد هذه الدعوة الأوروبية مؤشراً على تنامي القلق الدولي من خروج الوضع عن السيطرة، خاصة في ظل غياب مبادرات وساطة فعالة حتى الآن، وارتفاع وتيرة التهديدات المتبادلة بين الجانبين.
مستقبل مفتوح على جميع الاحتمالات
يرى مراقبون أن الجولة الرابعة من القصف المتبادل تمثل نقطة تحول خطيرة، خاصة بعد مقتل قيادات أمنية رفيعة في إيران، والرد الإيراني العنيف، مشيرين إلى أن احتمالات التهدئة تبدو محدودة في ظل تمسك الطرفين بخطاب “الردع والانتقام”.
كما يُنتظر أن تشهد الساعات المقبلة مواقف أكثر وضوحاً من القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة والصين، خاصة مع تقارير تفيد بانخراط موسكو في محاولة وساطة غير معلنة.
ويبقى السؤال الكبير مطروحًا: هل تتجه المنطقة نحو حرب شاملة، أم تنجح الدبلوماسية الدولية في تطويق النيران قبل أن تحرق الشرق الأوسط بأكمله؟