نيويورك – الجمعة 18 يوليو 2025
في ظل تصاعد التوترات الأمنية في سوريا، عقد مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الخميس، اجتماعًا طارئًا بطلب من الحكومة السورية، لبحث التداعيات الخطيرة للغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والتي وُصفت بأنها تهديد مباشر للسلام والاستقرار في المنطقة.
خلال الجلسة، قدم محمد خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، إحاطة شاملة أمام أعضاء المجلس، عبّر فيها عن قلق المنظمة الدولية العميق إزاء تصاعد الهجمات الإسرائيلية، لا سيما في مناطق السويداء ودرعا وأحياء من العاصمة دمشق.
وحذر خياري من أن الغارات الأخيرة لا تنتهك فقط سيادة سوريا، بل تُهدد أيضًا الجهود الجارية للوصول إلى حل سياسي شامل وسلمي للأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من 13 عامًا، مشيرًا إلى أن استمرار هذا التصعيد العسكري يعمّق الانقسامات، ويزيد من تعقيد المرحلة الانتقالية التي تسعى الأمم المتحدة لتيسيرها بدعم دولي.
وأضاف المسؤول الأممي في كلمته: “أفعال إسرائيل لا تقوّض فقط سيادة سوريا ووحدة أراضيها، بل تُجهض المساعي الدولية لبناء سوريا جديدة، آمنة ومستقرة، قادرة على التعايش مع محيطها الإقليمي.”
وشدّد خياري على ضرورة احترام اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 بين سوريا وإسرائيل، مطالبًا جميع الأطراف بالامتناع عن أي إجراءات من شأنها أن تزعزع استقرار منطقة الجولان، التي ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه، أعرب السفير السوري لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، عن إدانة دمشق الشديدة لما وصفه بـ”العدوان الإسرائيلي الممنهج”، معتبرًا أنه يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين.
ودعا الضحاك مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد هذه الاعتداءات، والعمل على وقفها فورًا، والضغط من أجل انسحاب إسرائيل الكامل من الجولان السوري المحتل، مشيرًا إلى أن استمرار صمت المجتمع الدولي يُعد تشجيعًا غير مباشر لهذا التصعيد.
وفي رد مباشر على الاتهامات الإسرائيلية حول وجود “تهديدات أمنية على الحدود الشمالية”، أكد السفير السوري أن بلاده تتخذ إجراءات حازمة لبسط سيادة القانون وضمان الأمن في كافة المناطق، بما في ذلك السويداء، رغم التحديات الأمنية الكبيرة، مضيفًا: “نحن نعمل على حصر السلاح بيد الدولة، ولن نسمح بتحويل أرضنا إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.”
ولقيت المطالب السورية دعمًا مباشرًا من الجزائر والصومال، وهما العضوان العربيان في مجلس الأمن حاليًا، حيث أيدتا ضرورة عقد الاجتماع وأكدتا أن الهجمات الإسرائيلية تشكل تصعيدًا غير مبرر يعرض المنطقة لخطر الانفجار.
في المقابل، اكتفت بعض الدول الغربية بالتعبير عن “القلق” دون إدانة صريحة، في مشهد يعكس استمرار الانقسام داخل مجلس الأمن بشأن الملف السوري، ما يعيق الوصول إلى توافق دولي حول آلية واضحة للرد على هذه التطورات.
وتأتي هذه الجلسة في وقت تشهد فيه الساحة السورية توترات متزايدة بسبب الضربات الإسرائيلية المتكررة، التي تقول تل أبيب إنها تستهدف “مواقع إيرانية أو تابعة لحزب الله”، فيما تصر دمشق على أن المستهدفين هم مدنيون ومنشآت حيوية، وأن الغارات تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية.
وبينما يُخيم الجمود على المسار السياسي السوري، يضيف هذا التصعيد بعدًا جديدًا للأزمة، يضع المنطقة على حافة انفجار محتمل، ويُعيد إلى الواجهة الحاجة الماسة لتحرك دولي فاعل يعيد ضبط إيقاع الأحداث نحو الحل، لا الصدام.
