تحت سماء داكا المشحونة، ارتفع صدى مليون صوت إسلامي ينبض بالأمل والتحدي. بين أزقة المدينة وفضاءاتها، تكتب الجماعة الإسلامية- وفقا لمراكز بحثية- فصلًا جديدًا من النضال، حيث تتداخل أحلام الشعب مع ثقل الاضطهاد، ويصرخ المؤمنون لاستعادة حقوقهم وسط صمت العالم.
حشد تاريخي
نحو مليون مؤيد للجماعة الإسلامية احتشدوا مساء امس في ساحة سورواردي أودان وسط داكا، أكبر تجمع منذ إسقاط الشيخة حسينة قبل عام، وفق وسائل إعلام محلية.
مؤتمر استعدادي
الحشد الأول الكبير بعد سقوط الحكومة السابقة، يعد استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة، مؤكدًا عودة الجماعة بقوة إلى الساحة السياسية فى بنغلاديش.
خطاب الأمير
أمير الجماعة شفيق الرحمن خطب في الجمع، لكنه تعب وسقط، ليعود جالسًا ويختصر كلمته بسبب تدهور صحته، محتفظًا بأمل الجماهير.
رؤية الخدمة
شفيق تعهد إن حكمت الجماعة، ستصبح في خدمة الشعب دون استبداد، معتبرًا قادتها خدما وليس أسيادًا للناس.
دعوة للوحدة
دعا شفيق الأحزاب للالتزام بأخلاق السياسة وتوحيد الجهود، مؤكدًا أهمية التعاون لمستقبل بنغلاديش.
إصلاحات مستقبلية
تعهد بإصلاح القوانين المستبدة من الـ15 عامًا الماضية، وبناء بلاد جديدة إذا حكمت الجماعة، مع التركيز على التنمية.
مطالب قانونية
الجماعة طالبت الحكومة الانتقالية برئاسة يونس بإصلاحات تشريعية، تشمل تنظيم انتخابات نزيهة وترسيخ مكاسب الحراك الشعبي.
حقوق الأقليات
شددت على إعطاء الأقليات الدينية والإثنية تمثيلًا خاصًا، وضمان حق المغتربين (رابع أكثر شعوب العالم سفرًا ومغتربين) في التصويت.
عدالة وتعويض
طالبت بمحاكمة قتلى الحراك ضد الشيخة حسينة، وتعويض أسرهم، ومحاكمة مرتكبي العنف الأخير كمقتل نشطاء حزب المواطن.
تنظيم الحشد
مئات الآلاف وفدوا منذ ليلة أمس بقطارات وحافلات، بإشراف 10 آلاف لجنة، مع خدمات صحية وفنية لإدارة التجمع.
شلل مروري
الحشود الكبيرة أغلقت شوارع داكا، حيث امتلأت بالمؤيدين بالأقمصة البيضاء، وارتفعت شعاراتهم في أرجاء المدينة.
مشهد سياسي متغير
بعد سقوط رابطة عوامي في 2024، برزت الجماعة وحزب المواطن وغيرهما، مع جدل حول موعد الانتخابات بين ديسمبر 2025 ويونيو 2026.
سمات المسار التاريخي
يتسم المسار التاريخي لحزب الجماعة الإسلامية- وفقا لقراءات تحليلية من المركز الدولى للدراسات الاستراتيجية- في بنغلاديش بديناميكيات معقدة وتحولات كبيرة في دوره. فبعد حظره في عهد الشيخ مجيب، عاد إلى الساحة في ظل الحكم العسكري. وبفضل تحالفه مع الحزب الوطني ساهم حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش بشكل حاسم في أسلمة البلاد تدريجياً.
وقد أدى التحول السياسي الرسمي في تسعينيات القرن العشرين إلى زيادة التدقيق في تصرفات الحزب أثناء الحرب، مما أدى إلى تراجع الدعم الانتخابي، ومع ذلك، استمر تحالف الحزب الوطني وحزب الجماعة مما أدى إلى ترسيخ العناصر الإسلامية في السياسة البنغالية.
ووفقا ل (المؤسسة الأوروبية لدراسات جنوب آسيا)، استمر نفوذ حزب الجماعة الإسلامية من خلال الأدوار الإيديولوجية، حتى مع تهميش دوره السياسي الرسمي بعد الحظر في عام 2013. وعكس تكثيف القمع ضد حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش في عام 2013، بما في ذلك إلغاء تسجيله، الطلب المجتمعي المتزايد على المساءلة ودرجة الاغتراب بين رابطة عوامي وتحالف الحزب الوطني وحزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش. وعلى الرغم من الحظر، استمر حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش بشكل خفي في التأثير على السياسة والمسارات المحلية. وفي سياق انتخابات عام 2024، ظل حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش محظورًا رسميًا، ولكنه يواصل ممارسة النفوذ من خلال الانتماءات والتنسيق مع الأحزاب الأخرى، مما يُظهر التعقيد الدائم لدوره في المشهد السياسي في بنغلاديش.
استغلال الحراك ودور الطلاب
وتستكمل (المؤسسة الأوروبية لدراسات جنوب آسيا) تحليلها : شكلت استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، فرصة ثمينة للجماعة الإسلامية التي تطمح منذ تأسيسها للمشاركة في العملية السياسية والمشاركة في السلطة، وهناك عدة مؤشرات ومعطيات تؤكد بأن الجماعة الإسلامية ستعود إلى الساحة بقوة فى بنغلاديش، ومن هذه المؤشرات رفع الحظر عن الحزب وإطلاق سراح الموالين له وقادة تابعين في الجماعة بالإضافة إلى الإفراج أيضاً عن رئيسة الحزب الوطني البنغالي.
وتشير تحركات الجماعة إلى أنها متجهة لمحاولة إنجاز مكتسبات سياسية ومن هذه التحركات محاولة تطمين الرأي العام المحلي والخارجي والقوى السياسية في البلاد وإظهار بأن الجماعة تتمتع بمرونة وقدرة على التعامل مع كافة الفئات والطوائف في البلاد.
وفي مؤتمر صحفي عقده في 6 أغسطس، أكد أمير الجماعة، شفيق الرحمن، استعدادها للتعاون الكامل مع الإدارة الجديدة، ولحماية الأقليات، بما في ذلك الهندوس، داعيا لإجراء انتخابات في أقرب وقت، وطالب المغتربين بالعودة لإرسال التحويلات المالية إلى البلاد، والتي توقفت خلال الاحتجاجات.
تمتلك الجماعة الإسلامية عدة أوراق مهمة وهي قدرتها على حشد الشارع نتيجة لوجود الكثير من الموالين لها بالإضافة إلى قوة الجناح الطلابي التابع لها والذي كان له دور في الاحتجاجات الأخيرة التي دفعت حكومة الشيخة حسينة للاستقالة ووجود مكاتب وفروع للجماعة في كافة مناطق بنغلاديش وقوة هذه الفروع وتأثيرها الكبير على الأوساط السياسية والاجتماعية والدينية في هذه المناطق.
وبالتالي ستسعى الجماعة لتحقيق إنجاز سياسي من خلال الوصول إلى ثقل برلماني لكن سيكون العمل وفقاً لما يتوقع كالسابق من خلال التحالف مع الحزب الوطني البنغالي، ودعم هذا الحزب لقيادة الحكومة في المرحلة المقبلة إذا ما تمكنوا من ذلك، وهذا ما يعيد المعادلة التي كانت تسير عليها الجماعة الإسلامية في بنغلاديش منذ التأسيس وهي التغلغل في المجتمع من خلال الوجود على الأرض ونشر الفكر والايديولوجيا ولعب دور صانع الملوك، وفقا ل (المؤسسة الأوروبية لدراسات جنوب آسيا).