فلسطينُ صبراً إنّ للفوز مَوْعِدا
فَإِلَّا تفوزي اليومَ فانتظري غدا
ضمَانٌ على الأقدارِ نصرُ مُجاهدٍ
يرى الموتَ أن يحيا ذليلاً مُعَبَّدا
إذا السّيفُ لم يُسْعِفْهُ أَسْعَفَ نَفْسَهُ
بِبأسٍ يراه السّيفُ حتماً مُجرَّدا
يَلوذُ بِحدَّيْهِ ويمضي إلى الوَغَى
على جانبيهِ من حياةٍ ومن رَدَى
مَنَعْتِ ذِئابَ السُّوءِ عن غِيلِ حُرَّةٍ
سَمَتْ في الضّواري الغُلْبِ جِذماً ومَحْتِدا
لها من ذويها الصّالحين عزائمٌ
تَفُضُّ القُوى فضّاً ولو كُنَّ جلمدا
إذا صدمت صُمَّ الخُطوبِ تَطَايرتْ
لدى الصّدمةِ الأُولى شَعاعاً مُبدَّدا
لكِ اللهُ من مظلومةٍ تشتكِي الأَذَى
وتأبَى عوادِي الدّهرِ أن تبلغَ المَدَى
جَرَى الدّم يسقِي في ديارِكِ واغِلاً
من البَغْي لا يَرْضَى سوى الدّمِ مَوْرِدا
تجرَّعه ناراً وكان يظنُّه
رحيقاً مُصَفَّى أو زُلالاً مُبرَّدا
كذلك يُشقِي وعدُ بِلفورَ مَعْشراً
مناكيدَ لاقوا منه أشقى وأنكدا
نَفَتْهُم فِجاجُ الأرضِ من سوءِ ما جَنَوْا
فجاءوا على ذعرٍ عَباديدَ شُرَّدا
يُريدون مُلكاً في فلسطين باقياً
على الدّهرِ يحمِي شعبَهم إن تمرَّدا
يُديرون في تهويدِها كُلَّ حيلةٍ
ويأبى لها إيمانُها أن تُهوَّدا
بلادٌ أعَزَّتْها سيوفُ مُحمّدٍ
فما عُذرُها ألا تُعِزَّ مُحمَّدا
أفي المسجدِ الأقصَى يَعيثُ الأُلىَ أَبَوْا
سوى المالِ طُولَ الدّهرِ ربّاً ومسجدا
أَحَلُّوا الرّبا فالأرضُ غُبْرٌ وُجوهُها
تُرينا الصّباحَ الطّلقَ أَقْتَمَ أَرْبَدا
تَنُوءُ بأعباءٍ ثِقالٍ من الأَذَى
ويُوشِكُ فيها الخَسفُ أن يتجدَّدا
رموها بخطبٍ هدَّ مِن أهلِها القُوَى
وغَادَرَهُمْ مِلءَ المَصارعِ هُمَّدا
أَيُمْسِي عبيدُ العجلِ للنّاسِ سادةً
وما عرفوا منهم على الدّهر سيّدا
لهم من فِلسطينَ القُبورُ ولم يكن
ثراها لأِهلِ الرِّجسِ مَثوىً ومرقدا
أقمنا لهم فيها المآتِمَ كُلَّما
مَضَى مَشهدٌ مِنهُنَّ أَحْدَثْنَ مَشهدا
فَقُل لِحُماةِ الظُّلمِ من حُلفائهم
لنا العهد نحميهِ ونمضِي على هُدَى
نَرُدُّ على آبائنا ما تَوَارَثَتْ
قَواضبُهم لا نَتَّقِي غارةَ العِدَى
نَضِنُّ بهم أن يُفضَحوا في قُبورِهم
ونحمِي لهم مجداً قديما وسُؤْدُدا
———————————–
الشاعر المصري “أحمد محرّم”
(وُلدَ في شهر محرّم، فسمّاه والده هذا الاسم المركّب: أحمد محرّم)
اسمه الكامل: أحمد محرّم بن حسن بن عبد الله الشركسي.
– الميلاد: 20 يناير 1877م، قرية إبيا الحمراء، مركز الدلنجات، محافظة البحيرة.
– الوفاة 13 يونيو 1945م، (68 سنة)
– من شعراء القومية والإسلام، الذين وهبوا حياتهم للدفاع عن العقيدة، والخلافة الإسلامية، وعَودة مجد الأمة.
– نشأ في أسرة مُتديّنة، وقرأ السيرة النبوية والتاريخ، وكُتُب الأدب، والشعر، وحفظَ القرآن الكريم،
– ظلَّ في دمنهور، ولم يغادر محافظة البحيرة إلى القاهرة، كما يفعل معظم الشعراء والكُتّاب المصريين.
– كانت له ندوة شهيرة بدمنهور، يرتادها مثقفو وشعراء وأدباء البحيرة، والمحافظات المجاورة لها.
– انفرد أحمد محرّم من بين شعراء العربية بتصوير البطولة الإسلامية من خلال سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) فنظم ملحمته النبوية «مجد الإسلام» في (3000 بيت شعر) ثلاثة آلاف بيت، صوّرَ فيها سيرة وحياة النبي (صلى الله عليه وسلم) بواقعية التسلسل الزمني، متضمنة الوقائع الثابتة، والمعارك والغزوات