في خطوة يمكن وصفها بأنها مفصلية في مسار استقرار مالي، صادق البرلمان المعيّن من قبل المجلس العسكري الحاكم، يوم الخميس 7 أغسطس 2025، على “الميثاق الوطني للسلام والمصالحة”، وهو وثيقة شاملة تهدف إلى إنهاء الصراعات الداخلية وتعزيز وحدة البلاد التي شهدت اضطرابات وانقسامات حادة خلال السنوات الماضية، خاصة في مناطق الشمال
يمتد الميثاق على 16 بابًا تضم 106 مواد تتناول محاور متعددة، من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مرورًا بالحوكمة الرشيدة والعدالة، وصولاً إلى تعزيز الوحدة الوطنية ومحاربة الفساد.
ويؤكد المسئولون بحسب الباحث المتخصص في الشئون الإفريقية سلطان البان أن الميثاق جرى صياغته عبر عملية تشاورية واسعة مع مختلف شرائح المجتمع، ليكون بمثابة عقد اجتماعي جديد يحدد ملامح الدولة المالية الموحدة والمستقرة.

ومن بين أهم البنود التي أثارت الانتباه، النص الصريح على “منع أي تقسيم للأراضي المالية”، وهو ما يعد رسالة قوية إلى الحركات الانفصالية، وفي مقدمتها الحركات الطوارقية في الشمال.
وتؤكد السلطات أن هذا البند جاء لضمان سلامة وحدة التراب الوطني وتعزيز سيادة الدولة، مع فتح المجال للحوار الوطني كبديل عن النزاعات المسلحة أو التدخلات الأجنبية.
ويأتي هذا الميثاق بعد انسحاب السلطات الانتقالية مطلع عام 2024 من “اتفاق الجزائر للسلام والمصالحة”، الذي وُقِّع عام 2015 مع الجماعات المسلحة، بحجة أنه لم يعد يواكب التحديات الراهنة.

ومنذ ذلك الحين، أطلقت الحكومة سلسلة مشاورات وطنية انتهت بوضع هذا الميثاق الذي تمت المصادقة عليه أولاً في مجلس الوزراء ثم في البرلمان.
ورغم أن الحكومة تعتبر هذا الميثاق خطوة حاسمة نحو الاستقرار، فإنه قوبل بانتقادات من بعض القوى السياسية والمنظمات الانفصالية التي ترى أنه لم يعالج جذور الأزمة أو أنه جاء دون إشراك فعلي لجميع الأطراف.
وتبقى التحديات الكبرى في كيفية تنفيذ بنود الميثاق على أرض الواقع وتحويله من نصوص قانونية إلى إجراءات ملموسة تحقّق السلام الفعلي. بالنسبة للسلطات، يمثل الميثاق رؤية وطنية جديدة تهدف إلى تجاوز دوامة الانقسامات والحروب، وترسيخ مبادئ المصالحة المجتمعية، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني، بالرغم من صعوبة الطريق وكثرة التحديات المرتقبة