أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: أعيدوا لي بيتي

 مرّت على ناظري صورة هزّت كياني، صورة عجوزين طاعنين في السّن، يقفان خلف أسوار بيت، يمعنان النّظر فيه بحرقة.

يتأملان جدران بيت حوى ذكريات عمر ولّى، كان البيت عشّا لعصفورين صغيرين، كان البيت عنوان قصّة جميلة، حوى وصال عمر نُقشت فبه  كلّ صور الأفراح.

في البيت عاش الزّوجان أسعد الأيام، في كل زاوية منه قصّة مروية،  فيه كبر حلم الزّوجان بأوّل زهرة أنجبت في القصر الصّغير، كان مصدر سعادة  للبيت والزّوجين، كان الزّوجان يحلمان  أن يوفرا الآمان للوردة الصّغيرة ولكنّ..

كلّ شيء بات جزءا من الذّاكرة، فلم يعد البيت مأوى لأهله، بل أضحى بيتا للغرباء، يسكنه الذّئاب الآدمية، بقوّة القهر والظّلم، وأضحت الذّكريات جزءا من الماضي الحزين، بعدما رسم الزّمان تجاعيده في وجه عجوزين أنهكهما عبوس الزّمان.

لم ينس العجوزان بيت الزّوجية الأوّل، بل ظلا يزوران البيت من فينة لفينة، حتّى تظلّ الذّاكرة حيّة، وحتّى لا يموت أمل العودة المعقود، ليحمله الآباء للأبناء والحفدة أمانة، أن للبيت روح كانت تسكن فيه آمنة مطمئنة، تنتظر من يعيد عقد ملكية البيت المسروق لأهله يوما ما.

وتظلّ القصّة تحكي حكاية النّكبة وتحكي حكاية التّهجير، وتظلّ القصّة تعبر عن فاجعة موت الإنسانية، التي أضحت لا تبالي أن يشرد شعب أو يقتل أو يباد.

نعم تروي القصّة معاناة شعب كل حلمه أن يعيش في بيته، في أرضه مثل باقي الشّعوب.

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights