
الأمة : أعلن قائد كتيبة نابلس عبد الحكيم شاهين براءته من السلطة الفلسطينية، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، في حال ارتقى شهيدا.
وحظي المنشور بتفاعل كبير، في ظل ملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية للمقاومين في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، واعتقال بعضهم ومصادرة سلاحه، وأخرهم رفيق دربه المطارد ازهر مسروجة، الذي أصيب مساء اليوم برصاص عناصر ملثمين من جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة اعترضوا طريقه في الجزء الشرقي من البلدة القديمة في نابلس، وعندما حاول الفرار منهم أطلقوا عليه النار، واعتقلوه.
وأفرج عن شاهين قبل نحو عام من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد أن أمضى نحو عشرين شهرا، بعد اعتقاله من قوات خاصة إسرائيلية من منزله في نابلس، حيث وجهت له تهمة إطلاق النار على قوات الاحتلال خلال اقتحامها للمدينة، ومحاولة تشكيل مجموعة مقاومة، التي حملت لاحقا اسم عرين الأُسود، وحظيت بشعبية جارفة في صفوف الفلسطينيين..
يأتي هذا، بالتزامن مع تصاعد حالات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، على خلفية نشاطات مؤيدة ومناصرة للمقاومة في قطاع غزة .
ومستنكرة في هذا السياق سلوك السلطة الفلسطينية في تعاملها مع العدوان الإسرائيلي على غزة وعدم اتخاذها مواقف صارمة حيال ذلك، لكن اللافت في حالات الاعتقال الأخيرة، أنها طاولت خطباء المساجد، في سياق انتقاد سياسة قيادة السلطة الفلسطينية.
ووثّقت مقاطع مصورة اعتقال الأجهزة الأمنية، الشيخ سليمان الحنتولي بعد صلاة الجمعة من حيّ الجابريات في مدينة جنين، شمالي الضفة، والشيخ محمد سكّر من بلدة واد فوكين، أثناء مروره من مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، السبت الماضي،
على خلفية الخطبة التي ألقاها وانتقد فيها سياسة التنسيق الأمني للأجهزة الأمنية وتصريحات الرئيس محمود عباس التي جاءت خلال كلمته في البرلمان التركي.
وجاء في خطبة الجمعة التي ألقاها سكّر: “قيادة السلطة شرعت بتحركاتها واتصالاتها، للتحضير لتوجه رئيس السلطة وأعضاء القيادة إلى قطاع غزة، وهي تبدي استعدادها الكامل لتسلّم القطاع، بعد القضاء على البنية التحتية للمجاهدين والحركة المسلحة،
لتعيد تكرار تجربتها في الضفة الغربية بكفاءة وقدرة أعلى بعد الخبرة التي اكتسبتها بالتنسيق الأمني وخدمة الاحتلال وملاحقة المجاهدين وتسليم المطلوبين (…) ولا يخجلون من أنفسهم عندما يعرضون خدماتهم في تسوية الأمور بعد الحرب، وهم يسمون هذا الدور بأنه دور بطولي، وكأنهم ذاهبون إلى تحرير غزة”.
وقال أحد أقاربه إنّ كلام الشيخ سكّر “يعبّر عن عامة الناس، ولا يستحق أن يواجه بالاعتقال وانتهاك الحقوق والملاحقة، وهذا موقف يتفق عليه معظم أهالي بلدة واد فوكين التي ينتمي إليها الشيخ سكّر،
حيث يعمل أهلها حالياً على التواصل مع الجهات المعنية ومطالبتها بالإفراج عنه لعدم أحقية اعتقاله بشكل يخالف القانون، لا سيما أنه يخطب في المساجد التي لا تديرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، كونه غير متفرغ لبرنامج الخطباء التابع للوزارة”.
ويؤكد مدير مجموعة “محامون من أجل العدالة” مهند كراجة، أنه بعد الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، مارست الأجهزة الأمنية انتهاكاتها بحقّ عشرات خطباء الجمعة، تنوعت إما بالاعتقال على خلفية انتقاد السلطة وسياستها حيال العدوان على غزة والإشادة بالمقاومة،
أو عن طريق إبعاد خطباء الجمعة عن المساجد التي يخطبون فيها بشكل معتاد إلى مساجد في مناطق بعيدة عن أماكن سكنهم، في سياق تطبيق عقوبات بحقهم، بالإضافة لاستدعاء خطباء إلى مقابلات تحقيق وتهديد.
ويشير كراجة إلى أنّ الاعتقالات السياسية تراجعت في الأسابيع الأولى بعد الحرب على غزة نظراً لعدة أسباب، أبرزها أنّ “الدائرة التي كانت معرضة للانتهاك والاعتقال من الأمن الفلسطيني باتت في سجون الاحتلال الإسرائيلي”،
ثم في أعقاب ذلك عادت حدّة الاعتقال للواجهة بعد مجزرة الاحتلال بحق مستشفى المعمداني في غزة في 17 أكتوبر الماضي، والتي في أعقابها خرجت عشرات المسيرات الاحتجاجية، واعتقلت السلطة أكثر من 150 فلسطينياً على أثرها.
لاحقاً تنامت حالات الاعتقال لتطاول المشاركين في المسيرات الأسبوعية لنصرة غزة. ويقول كراجة: “أصبحت السلطة تستغل فرصة الحرب لتحاسب معارضيها وتلاحق من ينتقدها، سواء كانوا خطباء وأئمة مساجد، أو حتى نشطاء على خلفية فعاليات حدثت قبل اندلاع الحرب”.
ولم تتوقف انتهاكات السلطة عند هذا الحدّ، حيث سجّلت المؤسسات الحقوقية العشرات من حالات الاعتقال بحقّ فلسطينيين على خلفية تنظيم حملات جمع تبرعات نقدية وتحويلها عبر الحسابات البنكية إلى أشخاص أو جهات إغاثية في غزة، وذلك طاول الأشخاص العاديين وليس فقط القائمين على الحملات، ووجهت لهم بالمحصّلة تهم تحت عنوان “حيازة سلاح”.
وكانت اعتقالات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خلال العامين الماضيين، تتجاوز ألف حالة في كل عام، وتتنوع في التهم الموجّهة أو خلفية الاعتقال، ما بين العمل الطلابي الجامعي، أو المشاركة في فعاليات نقابية احتجاجية، أو النشاط السياسي، أو الانضمام للكتائب المسلّحة، أو قضايا حرية الرأي والتعبير بمختلف أشكالها،
لكن اللافت في حالات الاعتقال منذ نحو عشرة أشهر أنها استهدفت ما هو مرتبط بقطاع غزة وتأييد المقاومة، إما بالمسيرات والتظاهرات وفعاليات التضامن ومنشورات “فيسبوك”، أو أخيراً خطب المساجد وحملات المساعدة والتبرع.