
أصدرت مصر لائحة جديدة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول تشترط على النساء العاطلات عن العمل أو النساء من 22 مهنة محددة الحصول على تصريح سفر قبل السفر إلى المملكة العربية السعودية، باستثناء الحج أو العمرة.
وتنص التعليمات التي أصدرتها الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية التابعة لوزارة الداخلية بتاريخ 26 أكتوبر 2024، على ضرورة حصول السيدات المصريات العاملات في 22 مهنة محددة على إذن مسبق عند ترتيب السفر إلى السعودية لأسباب شخصية أو سياحية أو عمل.
وبحسب اتحاد غرف السياحة، فإن القائمة التي تضم 22 مهنة تشمل النساء العاطلات عن العمل والحاصلات على تعليم متوسط، وحاملات الشهادات، ومربيات الأطفال، ومديرات المنازل، ومصممات الأزياء، ومتخصصات التطريز، ومصففات الشعر، ومدربات ومعلمات التجميل، والخادمات، والطاهيات، والخياطات، ومشرفات الحضانة، وموظفات الملفات، ومشغلات لوحة المفاتيح، وبائعات المنازل، والممرضات المنزليات، والسكرتيرات، وممثلات التسويق، والمشرفات الإداريات.
ولا ينطبق القرار الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في 26 أكتوبر/تشرين الأول، على النساء المسافرات للحج أو العمرة، أو الحاصلات على مؤهلات تعليمية عالية، أو المسافرات بتأشيرة زيارة عائلية.
وفقاً لأنظمة تصاريح السفر السعودية، يجب على النساء المسافرات إلى المملكة العربية السعودية اتباع خطوات معينة للحصول على الإذن.
أولاً، يجب عليهم التأكد من أن جوازات سفرهم صالحة لمدة ستة أشهر على الأقل بعد تاريخ سفرهم المخطط له لتلبية متطلبات الحدود السعودية.
ثانياً، يجب عليهم الحصول على التأشيرة المناسبة لزيارتهم. وتشمل أنواع التأشيرات المتاحة تأشيرات سياحية للترفيه أو الفعاليات الثقافية، وتأشيرات العمرة والزيارة للحج أو الزيارات العائلية، وتأشيرات العمل، والتي تتطلب عقد عمل رسمي مع صاحب عمل سعودي.
ثالثاً، بإمكانهم التقديم عبر المنصة الإلكترونية “إنجاز”، أو بالنسبة للجنسيات المؤهلة عند الوصول وفق شروط محددة.
رابعًا، يمكنهم حجز الرحلات الجوية عبر شركات الطيران المعتمدة للامتثال لبروتوكولات السفر الرسمية بمجرد الحصول على التأشيرة.
وأخيراً، يتعين على المسافرين عند الوصول التسجيل في منصة “مقيم” لتسهيل إجراءات الدخول والالتزام بضوابط الصحة والسلامة، مثل شهادات التطعيم إذا لزم الأمر.
وفي حين لم يتم تقديم الأساس الرسمي وراء اللائحة الجديدة، تشير بعض المصادر داخل شركات السياحة إلى أن وزارة الداخلية المصرية أصدرت هذا التوجيه بعد اكتشاف أن العديد من النساء المصريات العاملات في هذه المهن يتعرضن للاستغلال من قبل العصابات الإجرامية.
الجدل والاعتراض
وأثار هذا القرار غضبا واسع النطاق بين نشطاء حقوق المرأة والمنظمات غير الحكومية.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 15.8% فقط من النساء المصريات يعملن في عام 2023.
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في بيان أصدرته عقب صدور التوجيه: “إن هذا القرار لا يمثل انتهاكا للحقوق الدستورية الأساسية فحسب، بل يستخدم أيضا لغة مهينة تقلل من شأن المرأة وعملها وجهودها، مما يعكس كيفية تعامل السلطات مع حقوق هؤلاء النساء”.
وأضافت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن “القرار حدد الفئات التي يتطلب هذا الترخيص لها تحت عبارة “نساء الطبقات الدنيا”، في إشارة إلى اللغة المهينة المستخدمة في التوجيه باللغة العربية.
ووصفت المنظمة غير الحكومية هذا الإجراء بأنه “تمييز صارخ” و”مظهر من مظاهر نمط أوسع نطاقا لفرض قيود إضافية على حرية تنقل المصريين، وخاصة النساء”.
وطالبت المنظمة الحقوقية وزارة الداخلية بإلغاء توجيهها الإداري.
وعلى نحو مماثل، انتقد المركز المصري لحقوق المرأة هذا التوجيه.
وأكد المركز أن “هذه القرارات تشكل تمييزا ضد المرأة وتخالف المواد 8 و11 و53 من الدستور”.
وأضافت أن ذلك يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية، مثل حرية التنقل والسفر، ويتناقض بشكل مباشر مع الدستور المصري الذي يضمن المساواة لجميع المواطنين.
وشددت على أن “مثل هذه القيود تفرض وصاية غير مبررة على النساء الأقل تعليماً أو اللاتي يفتقرن إلى الشهادات الجامعية، مما يقوض جهود الدولة لتمكين المرأة ورفع مكانتها في المجتمع”.
وأشارت اللجنة الأوروبية لحقوق المرأة أيضًا إلى أن استخدام مصطلح “الطبقات الدنيا” في وسائل الإعلام يعد أمرًا مسيئًا بشكل خاص، لأنه يميز ضد النساء على أساس الطبقة والتعليم والمهنة.
وطالب المركز الحكومة المصرية بإلغاء هذه السياسة وأية سياسات تمييزية تستهدف المرأة، وتوفير الضمانات القانونية لحماية حقوق المرأة المصرية في التنقل والسفر.
وردًا على ذلك، رفع محام مستقل دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية سعياً لإلغاء هذا التوجيه، ومن المقرر عقد جلسة استماع للقضية في 14 ديسمبر 2024.