هل تنجح تركيا في تعزيز نفوذها النفطي عبر صفقات ليبيا والعراق والبحر الأسود؟
تقرير: تركيا تتوسع في استكشاف النفط والغاز.. طموحات وتحديات

تسعى تركيا إلى تعزيز وجودها في سوق الطاقة العالمي عبر سلسلة من الاتفاقيات الجديدة لاستكشاف النفط والغاز في عدة دول، أبرزها ليبيا والعراق، بالإضافة إلى بلغاريا وأذربيجان وتركمانستان. فهل ستتمكن أنقرة من تحقيق طموحاتها في ظل المنافسة الإقليمية والتحديات القانونية والسياسية؟
اتفاقيات جديدة في الطريق
كشف وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، عن قرب إعلان أنقرة عن اتفاقية مع ليبيا، التي أطلقت أول مناقصة للتنقيب عن النفط منذ 17 عامًا في مارس الماضي. كما أعرب عن اهتمام بلاده باستكشاف حقول الهيدروكربون في العراق، رغم الخلافات القائمة بين البلدين حول صادرات النفط عبر خط أنابيب كركوك-جيهان.
الخلفية التركية: سد الفجوة الطاقية
تعتمد تركيا بشكل شبه كامل على استيراد النفط والغاز، مما دفعها في السنوات الأخيرة إلى تكثيف جهودها لزيادة الإنتاج محليًا ودوليًا. كما تسعى لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتوزيع الغاز، مستفيدةً من موقعها الجغرافي لربط موارد الشرق الأوسط بأوروبا. وفي هذا الإطار، تجري محادثات مع بلغاريا لتعزيز نقل الغاز عبر الحدود المشتركة.
التعاون التركي-الليبي: فرص وتوترات
يعود التقارب التركي-الليبي في قطاع الطاقة إلى عام 2022، عندما وقع البلدان مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الليبية، كامتداد لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل عام 2019. لكن التحسن الأخير في العلاقات التركية-المصرية قد يخفف من حدة التوترات الإقليمية، خاصةً بعد جهود الوساطة بين حكومتي شرق وغرب ليبيا لإنهاء حظر تصدير النفط.
وفي إطار جذب الاستثمارات، استضافت إسطنبول الأسبوع الماضي المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، بعد أن نظمت فعاليات مماثلة في لندن وهيوستن.
التحديات مع العراق: نزاع قانوني يعيق التصدير
تواجه العلاقات النفطية التركية-العراقية عقبات كبيرة منذ توقف ضخ النفط عبر خط أنابيب كركوك-جيهان في مارس 2023، بعد حكم تحكيمي ألزم تركيا بدفع تعويضات لبغداد. ورغم المفاوضات الجارية، فإن الخلافات المالية والقانونية ما زالت تعيق استئناف التصدير، في وقت أعلنت فيه بغداد عن اكتشاف حقل نفطي كبير شرق العاصمة بالتعاون مع شركة صينية.
البحر الأسود: جبهة جديدة للتنقيب
أعلن الوزير التركي أن شركة النفط الحكومية ستوقع اتفاقية مع شركة أجنبية (غير محددة) للتنقيب في المياه البلغارية بالبحر الأسود، بالإضافة إلى تعاونها مع وحدة تابعة لشركة “شل” في المنطقة ذاتها. يذكر أن تركيا بدأت إنتاج الغاز من حقولها في البحر الأسود عام 2023، كما تقوم بمسوحات قبالة سواحل الصومال، رغم عدم تأكيد وجود احتياطيات تجارية كبيرة هناك.
هل تحقق تركيا طموحاتها؟
رغم الطموح التركي الكبير في قطاع الطاقة، فإن التحديات السياسية والقانونية، خاصة في ليبيا والعراق، قد تعيق تحقيق أهدافها بالكامل. كما أن المنافسة مع دول مثل مصر واليونان وقبرص في شرق المتوسط تبقى عاملًا مؤثرًا. فهل ستتمكن أنقرة من تحويل نفسها إلى لاعب رئيسي في سوق الطاقة الإقليمي؟ الوقت وحده سيكشف مدى نجاح هذه الاستراتيجية.