مصطفى عبد السلام يكتب: النهب الأمريكي الناعم لثروات الدول
صفقة ترامب مع أوكرانيا تعيد إلى الذاكرة جرائم الاستعمار القديم

صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع كييف خطوة تعيد إلى الذاكرة جرائم الاستعمار القديم لكن بصورة جديدة، وما تفعله إدارته مع أوكرانيا حالياً هو بمثابة جريمة نهب منظمة وناعمة لثروات الدولة الأوروبية التي تخوض حرباً شرسة ضد روسيا منذ فبراير 2022،
وعملية سطو واسعة النطاق تجري تحت شعارات براقة وسمع وبصر كل دول العالم،
وخطوة تشجع دولاً مثل الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا على تكرار السيناريو وسرقة ثروات الشعوب في مناطق أخرى.
ما حدث ببساطة هو شكل من أشكال الاستعمار الاقتصادي والسياسي الجديد الذي يحاول ترامب فرضه على دول العالم تحت شعار “أميركا أولاً”.
أخيراً أبرمت الولايات المتحدة وأوكرانيا صفقة ثمينة هي اتفاقية المعادن النادرة التي طال انتظارها وتتعلق بإدارة الموارد الطبيعية الأوكرانية واستثمارها، اتفاقية تم توقيعها مساء الأربعاء تحت عنوان براق هو “الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين واشنطن وكييف”،
وتتضمن إنشاء صندوق مشترك لإدارة مشروعات الاستثمار الأوكرانية بنسب متساوية 50%- 50%.
النهب مقابل دعم إعادة إعمار أوكرانيا
والهدف المعلن من صفقة ترامب مع كييف هو توفير دعم مالي لمشروعات إعادة إعمار أوكرانيا في فترة ما بعد الحرب، وإعادة هيكلة الاقتصاد المنهار والذي التهمته حرب أكلت الأخضر واليابس طوال ثلاث سنوات،
وأن تمكن هذه الشراكة الاقتصادية البلدين من العمل معاً والاستثمار لضمان أن تسهم الأصول والقدرات المشتركة في تسريع التعافي الاقتصادي لأوكرانيا،
وذلك وفق البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، كما تهدف الاتفاقية، وفق المعلن، إلى تعزيز التعاون بين البلدين وتقوية العلاقات التجارية والاقتصادية،
بالإضافة إلى أن الاتفاق في ما يخص أوكرانيا يعد خطوة أساسية لضمان استمرار حصولها على المساعدات العسكرية الأمريكية في المستقبل والتي تجاوزت 130 مليار دولار منذ اندلاع الحرب.
هذا هو الكلام الرسمي والبيانات المعدة سلفاً والذي يتعلق بصفقة ترامب الأهم لإدارته وبلاده،
لكن ما تحت تلك العناوين البراقة نجد جريمة نهب مكتملة الأركان لثروات أوكرانيا من قبل إدارة ترامب تحت شعار الاستثمارات المشتركة والتعاون البناء،
فلا يقتصر أمر الاتفاقية أو الصفقة على السطو على المعادن الأرضية النادرة والتي تمتلك أوكرانيا 21 عنصراً منها،
وهو ما يمثل نحو 5% من احتياطيات العالم، ولكن يطلق يد أميركا الطولى التي ستمتد أيضاً إلى نهب قطاعات مثل النفط والغاز وغيرها من الموارد،
واللافت هنا أن واشنطن تمنح مساعدات لكييف مقابل 50% من إيرادات المعادن والموارد الطبيعية المستخرجة من دون تحديد سقف زمني لانتهاء مدة الاتفاقية.
أميركا تنهب ثروات وموارد أوكرانيا المعدنية
ببساطة، اتفاق أمس الأربعاء يضع يد أميركا على ثروات وموارد أوكرانيا المعدنية التي تراوح قيمتها ما بين 15 و26 تريليون دولار،
وتوفر للصناعة الأمريكية ما تحتاج إليه من معادن نادرة تستخدم في صناعة حساسة بداية من أجنحة وإطارات الطائرات ومعدات الفضاء والصناعات الدفاعية والعسكرية وتقنيات الدفاع المتقدمة وتوربينات الرياح وصناعات الإلكترونيات والطاقة المتجددة والطاقة النووية والمعدات الطبية والأسلحة،
ونهاية بالسيارات الكهربائية والهواتف المحمولة ورقائق الكمبيوتر وتصنيع العديد من المنتجات فائقة التقنية.
وهذه خطوة تقوي موقف ترامب في حربه التجارية ضد الصين التي تسيطر على سلسلة التوريد الخاصة بالمعادن الأرضية النادرة،
حيث تستخرج نحو 61% منها عالمياً، وتقوم بتنقية 92%، وتعتبرها مصدر قوة لها وتلوح بقطعها عن الولايات المتحدة في حال تصعيد حرب الرسوم الجمركية ضدها.