مختار محمود يكتب: المطرود!

اكتسب الروائي المصري المثير للجدل والصخب الدكتور يوسف زيدان لقبًا جديدًا عن جدارة واستحقاق، وهو «المطرود»!
معرض أربيل الدولي للكتاب اعتذر عن عدم استضافة «زيدان»؛ على خلفية حملة إلكترونية عنيفة مناهضة لحضوره؛ بعد إهانته المتكررة للقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي. كان «زيدان» دأب على وصف هازم الصليبيين ومُحرر القدس بأنه «أحقر شخصية في التاريخ»!
يهوى «زيدان» البقاء في دائرة الجدل. تجارة صاحب «عزازيل» قائمة في الأساس على الدجل والتطجين والإبحار ضد التيار؛ ليس بحثًا عن حقيقة، ولكن رغبة محمومة في الإبقاء داخل بؤرة الضوء والشهرة، وإساءاته المتكرر للقائد العسكري المسلم دليل واقعي على ذلك!
خبرة كبيرة اكتسبها «زيدان» في السنوات الأخيرة لوضع اسمه على قوائم الأكثر بحثًا على محركات البحث، وهو ما يُعرف ب«الترند». يضحِّي «زيدان» بشرف الكلمة وشرف المعلومة؛ من أجل أن يعتلي اسمُه «الترند»، أو يعتلي «الترند اسمه». أذلَّ «الترند» أعناق الرجال!
يخوض «زيدان» دروبًا وعرة يجهلها ولا يعرف مسالكها؛ حتى يتحاكى الناس باسمه، ويلوكوا سيرته، كما فعلها في عديد المرات من قبل، عندما أهان صلاح الدين الأيوبي، وشكَّك في حقيقة المسجد الأقصى وفي موعد شهر رمضان، وطعن في الإسراء والمعراج، وأجاز زواج الكتابي من المسلمة، بل وفي كل مرة يحاول أن يقرأ فيها نصًا مكتوبًا، قرآنا كان، أو شعرًا أو كلامًا منثورًا؛ حيث يثير الأسى والأسف ويكشف عوارًا لا يليق به، وهذا سَمتُ كل من ينتمي إلى مؤسسة تكوين “المفكوكة”!
في كل مرة.. يحرص «زيدان» على غمز الأزهر الشريف ولمز دار الإفتاء، والسخرية من إجماع الفقهاء، والادعاء بأنهم لا يُرتجى منهم صلاحٌ ولا إصلاحٌ؛ وكأنه هو المصلح الوحيد في هذا العالم!
ولأنه أتقن اللعبة وأدرك أبعادها، فإن «زيدان» فتح القوس على مصراعيه في «لعبة الترند»، حيث لم يخجل يومًا من التعلق برقبة اللاعب الدولي الأشهر محمد صلاح، عندما انتقد تشييده معهدًا أزهريًا من «حر ماله» في مسقط رأسه، وكأنه صار وصيًا عليه وعلى ماله، وكأن «فوبيا» استوطنت قلبه من كل مَن يحمل اسم «صلاح»! وهنا يجب أن نسأل: هل يمكن ل«زيدان» مثلاً أن ينشر على حساباته الشخصية بمنصات التواصل الاجتماعي صورة من آخر إقرار ضريبي له، ويخبرنا إذا كان ملتزمًا بسداد حق الدولة كل عام بانتظام أم لا، ويبلغنا بوجوه الخير التي ينفق فيها بعض ماله الوفير الذى يتكسبه من العدوان على المؤسسة الدينية الأشهر في العالم الإسلامي ومن روايات مطعون في نسبتها إليه؛ حتى يكون قدوة حسنة، يقتدي بها “صلاح” وأمثاله في قادم المواعيد وجديد المناسبات؟!
بعد كل هذا العُمر «67 عامًا».. لا يقنع «زيدان» بما حققه من شهرة ومال، أيًا كانت الأساليب والطرق التي اتبعها في سبيل ذلك، ولكنه لا يزال يلهث عن المزيد، ليس من خلال اجتهادات ورؤى علمية جادة ورصينة جديرة بالمناقشة، وتواكب سنه المتقدمة، ولكن عبر العبث واللهو في الفضاء الإلكتروني، مستعينًا بإسقاط الكلم، وبذيء القول، وفُحش الوصف والمكايدة، وهذا ليس من شيم كبار الأدباء والمثقفين والروائيين والمفكرين الذين ينتسب إليهم «زيدان»، فضلاً عن أنه ليس من شيم الرجال!
الرجل «التكويني» كثير الزلل، مثير للغط، يهوى الجدل، يخاصم الحق، ويمتطي صهوة الباطل مع سبق الإصرار والترصد وسوء النية والقصد، ومن ثمَّ.. فإنَّ اصطياده ونقده وانتقاده وإظهار عواره أمور ليست بالعسيرة!
لا يجد «زيدان» حرجًا في جرح الكبار من المتقدمين والمتأخرين، ولا يرى غضاضة في هدم الكيانات والمؤسسات الدينية الراسخة، هو وأقرانه من المتهورين يعتبرونها بطولة وجسارة، وغيره من الراشدين يراها تجاوزًا وخروجًا عن اللياقة وشططًا وصلفًا!
الفيلسوف والروائي والحكَّاءُ المغوار يزاول «بلطجة دينية فكرية» عبر الفضائيات، هادمًا ومتجاوزًا جميع المعايير والضوابط والحقائق العلمية والدينية والتاريخية، مستغلاً سذاجة محاوريه من فئة: عمرو أديب ويوسف الحسيني.. كان آخر هذه السخافات الطعن في موعد شهر الصوم عند المسلمين!
«زيدان» يعلم أن تخاريفه هي التي تقوده إلى البرامج الفضائية وصدارة التريندات، ويؤمن إيمانًا تامًا بأنه لو تحرى الدقة والصدق والرصانة في كلامه وتصريحاته واجتهاداته وأطروحاته، فإنَّ البرامج الفضائية سوف تصدُّ عنه صدودًا، ولن يتم دعوته إلى المحافل والفعاليات الكارهة للإسلام، وسوف يتوقف سوق رواياته المطعون دائمًا في نسبتها إليه، وسوف تخاصمه الجوائز الدولية والعالمية، لذا فإن ضلالاته التى يروجها في جميع إطلالاته يمكن وصفها بأنها «الشيء لزوم الشيء»!
قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا.. حذَّر النبىُّ الكريم من سنواتٍ خدَّاعاتٍ، يصدَّق فيها الكاذبُ ويكذَّبُ فيها الصادقُ، ويؤتمَنُ فيها الخائن ويخَوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، وهو الرجل التافه الذي يتكلم في أمر العامة. و«زيدان» يمنح نفسه الحق بالخوض في الدين والسياسة والتاريخ والجغرافيا، في الوقت الذي يصادر فيه على أصحاب الحق الأصلي، في صلافة وتجاوز يُحسدُ عليهما، إنها السنوات الخداعاتُ إذن، وإنه زمن الرويبضات بلا أدنى شكٍّ.
ربما يكون طرد معرض أربيل الدولي للكتاب لـ«زيدان» مؤخرًا أول رد فعل عملي على سخائفه وسخائمه؛ ما قد يدفعه إلى إعادة حساباته، ومن ثمَّ التوقف عن نزواته الفكرية، والعمل على استعادة رشده تدريجيًا.. والعودة إلى صفوف «الثقات» من أهل العلم والفكر والفلسفة!
ورغم كل ما قد سلف، فإني أستشعر أحيانًا أننا ربما نرفع «زيدان» إلى مُرتقى عظيمًا، هو نفسُه لا يرنو إليه ولا يحلم به، وربما يكون دونَه على أي حال، وربما يعتبر نفسه مجرد «مونولوجست فلسفي» يسعى إلى إضحاكنا، ويبدو ذلك جليًا في عديد من المواقف من بينها: عندما ردد في ثقة وعنجهية: «الإلحاد.. علاقة شخصية بين العبد وربه»!