دبلوماسي: مصر وباكستان منفتاحان لتحقيق الاستقرار في منطقتيهما

أكد عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين الباكستانيين أن العلاقات المصرية الباكستانية المتميزة تعد نموذجا للتعاون الثنائي في مختلف المجالات، ما يجعل البلدين لاعبان رئيسيان في تحقيق الاستقرار في منطقتيهما.
جاء ذلك خلال الورشة الدولية الخامسة للقيادة والاستقرار، التي عقدت بإسلام آباد خلال الفترة من 17 إلى 22 فبراير الجاري، وناقشت الورشة القيادة والاستقرار والتطورات على الساحة الدولية.
قام معهد الدراسات الاستراتيجية والبحث والتحليل (ISSRA)، وهو مؤسسة فكرية رائدة تركز على القضايا الأمنية والاستراتيجية المعاصرة في جامعة الدفاع الوطني (NDU) في باكستان، بتنظيم ورشة العمل.
وخلال الورشة، أكد العديد من الدبلوماسيين الباكستانيين على التنسيق السياسي والدبلوماسي والاقتصادي بين مصر وباكستان في المنظمات الدولية والمجال العسكري ومكافحة الإرهاب.
مصر هي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي افتتحت فيها باكستان سفارة مباشرة بعد حصولها على الاستقلال في يونيو 1948.
وأكد كبار المسؤولين الباكستانيين أيضًا دعمهم للقيادة المصرية وموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه الصراع في غزة، وحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وفرت ورشة العمل الدولية منصة لمشاركة وجهة نظر باكستان بشأن القضايا العالمية المتنوعة وتعزيز الحوار العالمي.
وشارك فيها 65 مشاركا أجنبيا يمثلون 46 دولة من مناطق مختلفة.
شارك في الحدث العديد من قادة العالم وكبار صناع القرار والدبلوماسيين والسفراء والمستشارين الحكوميين والدوائر الأكاديمية وكبار المديرين التنفيذيين وممثلي وسائل الإعلام الدولية والبرلمانيين ومجتمع الأعمال.
علاوة على ذلك، حضر الورشة ممثلون عن مراكز الفكر العالمية و32 مشاركًا باكستانيًا من قطاعات مختلفة، بما في ذلك قادة الأعمال والدبلوماسيون والمسؤولون الحكوميون وممثلو مراكز الفكر ووسائل الإعلام والشباب المهنيين.
وفي كلمة ألقاها أمام المشاركين في ايوان الصدر، حث الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري على التعاون والشراكات العالمية لمواجهة التحديات مثل تغير المناخ والفقر والتضليل.
ودعا إلى تعزيز التعاون بين البلدان لضمان التنمية الشاملة والمستدامة.
وقال إن “العالم يواجه تحديات اقتصادية وبيئية وأمنية وتضليلية وتكنولوجية مختلفة، وهو ما يتطلب تعاونا عالميا”.
وأضاف أن باكستان هي البوابة إلى دول آسيا الوسطى غير الساحلية، التي ترحب بالاستفادة من ميناء جوادر لتعزيز التنمية والازدهار المشتركين.
وأكد الرئيس الباكستاني التزام بلاده بالترابط الإقليمي والتعاون الاقتصادي، داعيا الشركاء الدوليين إلى العمل معا من أجل مستقبل آمن ومستدام.
وأضاف “اختر الحوار بدلاً من الانقسام، والتعاون بدلاً من الصراع، والأمل بدلاً من الخوف من أجل خلق تغيير دائم”.
وعلاوة على ذلك، شجع زرداري المشاركين على ترجمة رؤاهم من ورشة العمل إلى حلول واقعية، مؤكدا أن مثل هذه المبادرات حاسمة في تشكيل وجهات النظر بشأن القيادة والحوكمة والاستقرار.
وشهدت جلسات الورشة مناقشات وتفاعلًا واسع النطاق بين القادة والسياسيين رفيعي المستوى حول مواضيع القيادة والسياسة الأمنية الدولية.
ناقشت الجلسات تأثير البيئة الجيوسياسية العالمية والإقليمية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفهم الاتجاهات العالمية، والمعلومات، والفن، والثقافة، والتراث الباكستاني، ودور وسائل الإعلام والتكنولوجيا في تحقيق الاستقرار والتنمية.
وركزوا أيضًا على التحولات العالمية السريعة على الساحة الدولية وصياغة سياسة من أجل مستقبل مشترك.
من جانبه، شكر وزير الدولة الباكستاني للشؤون المالية والإيرادات والطاقة علي برويز مالك مصر على مساعداتها الكبيرة للعالم الإسلامي، وأشاد بشكل خاص بجهودها في تخفيف معاناة سكان غزة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح.
العلاقات الاقتصادية بين مصر وباكستان
وأضاف أن مصر تعد بوابة للقارة الأفريقية والشرق الأوسط وتلعب دورا رئيسيا في تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وفتح آفاق جديدة على المستوى الثنائي.
وقال “إن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الحصول على المزيد من الاستثمارات الأجنبية هي عرض نجاحات الاستثمارات التي تمت في باكستان. ففي السابق، اشترت شركة أوراسكوم قطاع الاتصالات المتنقلة. وعندما تم تصفيتها، حققت أرباحاً طائلة. لذا، فنحن بحاجة إلى المزيد من هذه الأمثلة”.
وأضاف أن “مجموعة أوراسكوم تنفذ مرة أخرى مشروع التطوير العقاري الثامن عشر، ونحن بحاجة إلى عرض المزيد من النجاحات، والبناء على العلامة التجارية الباكستانية، ومحاولة بث الثقة بين المستثمرين بأن باكستان تعني العمل هذه المرة”.
وأضاف مالك أن الحكومة الباكستانية تعمل أيضا على تعزيز العلاقات مع مصر، مشيرا إلى أن باكستان التي يبلغ عدد سكانها نحو 250 مليون نسمة تعد سوقا مربحة للاستثمارات المصرية.
كما أطلقت باكستان سياسات تجارية واستثمارية وصناعية صديقة للمستثمرين. فمواردها الغنية وقدراتها وموقعها الاستراتيجي وعمالتها الماهرة وإمكاناتها الهائلة تجعلها عامل جذب رئيسي لتعزيز التجارة ودعم تطلعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار إلى أن مصر وباكستان تعملان على تعزيز علاقاتهما التجارية، وإيجاد فرص للتجارة والاستثمار، وتوقيع اتفاقيات مشروعات مشتركة في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وتحديد القدرات الباكستانية في مختلف القطاعات.
موقف مشترك بشأن القضية الفلسطينية
من جانبه، قال السفير الباكستاني السابق زامير أكرم في تصريح لـ«الأهرام أونلاين» إن مصر وباكستان لاعبان رئيسيان في تحقيق الاستقرار في منطقتيهما، مضيفًا أن العلاقات المصرية الباكستانية كانت قوية على الدوام.
وفيما يتعلق بحرب غزة، قال: “لقد عملنا مع مصر في محاولة للترويج لحل سلمي، وحل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين”.
وأكد أن مصر دولة مهمة للغاية على مستوى العالم لضمان السلام والأمن، خاصة في المنطقة.
ووصف أيضا خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة قائلا: “إنها كلها غير واقعية لأن الفلسطينيين أثبتوا أنهم لن يتركوا منازلهم وأرضهم التاريخية”.
وأشار إلى أن الدول العربية والإسلامية المحيطة وجامعة الدول العربية يجب عليها أيضاً أن تلعب دوراً أكثر فاعلية تجاه القضية الفلسطينية.
البرنامج الإضافي للورشة
وتضمن برنامج الورشة زيارة إلى وزارة الخارجية الباكستانية، حيث التقى المشاركون مع وكيل وزارة الخارجية الإضافي السفير حامد أصغر خان، الذي استعرض جزءا كبيرا من السياسة الخارجية الباكستانية على المستويين الإقليمي والدولي والتحديات التي تواجه باكستان.
والتقى الوفد أيضًا مع السفيرة آمنة بلوش، وزيرة الخارجية الباكستانية.
وشارك الوفد المصري بفعالية وعكس موقف مصر تجاه العديد من القضايا المتعلقة بسياستها الخارجية، كما أوضحت مصر موقفها من القضية الفلسطينية والأحداث في ليبيا والسودان.
كما شاركوا في ندوة بعنوان “كيف تؤثر وسائل الإعلام الحديثة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، على تصورات الجمهور للصراع؟ وما هي مسؤولية منصات الإعلام والحكومة في تعزيز الاستقرار؟”
وتضمن البرنامج أيضًا زيارة الحديقة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا الجوية والأكاديمية العسكرية الباكستانية في أبوت آباد.
بالإضافة إلى ذلك، قام المشاركون بزيارة مسجد فيصل، ومتحف لوك فيرسا، الذي يعرض تاريخ باكستان وثقافتها وأزيائها وأقاليمها عبر العصور، والمجلس الوطني الباكستاني للفنون، الذي يعرض العروض الفنية والموسيقية التي تعكس الفنون الشعبية الباكستانية والثقافة الغنية.