أحمد سعد فتال يكتب: المساعدات الاقتصادية.. خير عميم أم فخ قاتل؟
بعد سقوط نظام الأسد، ظهر الاهتراء الكبير الذي تعاني منه سوريا على جميع المستويات، مالياً واقتصادياً وطبياً وتعليمياً،
وبدأ الحديث عن مساعدات ومشاريع خارجية لتحسين الخدمات في البلاد، خاصة الكهرباء والبنى التحتية وإعادة الإعمار.
ومع الحاجة الملّحة لتحقيق هذه الأهداف الاقتصادية حتى تنهض سوريا، ويعود اللاجئون، ويكون هناك قابلية للعيش في البلاد،
إلا أنه يجب التنبيه على ثلاثة عوامل أساسية في ملف المساعدات:
أولاً: الدول القائمة في عالمنا اليوم، من شرقه إلى غربه، ليست جمعيات خيرية أو مؤسسات أخلاقية، بل كيانات رأسمالية وأنظمة ماديّة،
وهي حينما تدعم بلداً منكوباً فإن ذلك يكون مقابل أثمان فكرية ومادية. أما الفكرية فتتعلق بفرض نموذج للحكم يتواءم مع الدول الداعمة،
وهو في حالتنا الراهنة النظام الديمقراطي المدني الذي يُقصي الإسلام عن التشريع،
وأما المادية فتتمثّل بتقييد البلاد وإغراقها بالديون، وجعلها تابعة لا مستقلة.
الإنتاج الذاتي
ثانياً: الدولة التي تريد أن تكون قوية فاعلة، هي التي تعتمد على نفسها اقتصادياً، فتشجع الإنتاج الذاتي والزراعة المحلية،
وتستغل ثرواتها في دعم الاقتصاد، بل وتنقّب باستمرار في بواطن الأرض للبحث عن مساحات جديدة من الثروات. وفي الوضع السوري،
فإن اختيار مسار التنمية الذاتية المستقلة، وإن كان بطيئاً لا يحقق نتائج سريعة،
فهو خير من المشاريع الخارجية التي تظهر ثمارها فوراً، لكنها تكبّل البلاد وتُرهقها بالديون.
الخروج من حظيرة النظام الدولي
ثالثاً: لتحقيق مسار التنمية الذاتية لا مفكّ من الخروج من حظيرة النظام الدولي ونموذجه الفكري القائم على الديمقراطية سياسياً، والرأسمالية اقتصادياً،
واعتماد دستور إسلامي يعبّر عن الذخيرة الكبيرة من الأحكام السياسية والاقتصادية التي جاء بها الإسلام،
والتي تكفل للبلاد الاستقلالية والتحرّر، وتقديم نمط من العيش يَهوي بأفئدة الشعوب إليه،
فتكون سوريا نقطة مركزية في سبيل انعتاق الأمة جميعها من سيطرة الغرب.