أقلام حرة

أحمد سعد فتال يكتب: مؤتمر المقداد وعبد اللهيان.. وجبة دسمة من النكت.

«اكذب اكذب حتى تُصدَّق».. جملة قالها رأس النظام المجرم بشار الأسد عام 2011، زاعماً فيها أن وسائل الإعلام حين كانت تنقل أخبار الحراك الشعبي المناهض لنظامه فإنها تستعمل منهج ضخ الأكاذيب وتكرارها حتى يعتبرها المتلقّي حقيقة ويؤمن بها.

لكنّ الأسد في تصريحه ذاك، قد رمى الآخرين بطَبعٍ متأصّل لديه، فنظام الإجرام منذ عهد المجحوم، حافظ الأسد، يتنفس الكذب، ويجري التضليل في عروقه (شأنه في ذلك شأن بقية الأنظمة في المنطقة)، ومن أحدث هذه الكِذبات ما جاء في المؤتمر الصحفي لوزير خارجية الأسد، فيصل المقداد، ونظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بعد زيارة الأخير إلى دمشق، الأحد 11 من فبراير. فقد قال المقداد إن «سوريا خاضت حروباً عديدة ضد إسرائيل، ولا تزال على استعداد تام لخوض حروب أخرى تقرر فيها متى وأين وكيف».

واعتبر أن «سبب اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على الأراضي السورية والتي تنتهك بشكل سافر القانون الدولي، هو مقاومة سوريا لهذا الكيان ومخططاته منذ إقامته على أرض فلسطين واحتلاله للأراضي العربية».

نعم هكذا «هرّج» المقداد، والحقيقة أن الحروب التي خاضها نظام البعث ضد الكيان المحتل، إما أسفرت عن هزيمة منكرة وتسليم لهضبة الجولان، كما حصل في حزيران 1967، أو كانت بإيعاز أميركي لتحريك مفاوضات السلام، كما جرى في حرب أكتوبر 1973.

أما عن استعداد النظام لخوض حرب جديدة مع الكيان، فهو أمر مثير للضحك حدَّ الاستلقاء على الظهر، إذ إن من المهام الرئيسة لعصابة الأسد، والتي حدّدتها له الولايات المتحدة، هي حماية أمن الاحتلال الإسرائيلي، وإن تجميد جبهة الجولان لأكثر من 50 عاماً لهو دليل يُسمِـع الأصم ويُري الأعمى عمالة هذا النظام، وهَوانه أمام العدو.

وبخصوص ما قاله المقداد عن “مقاومة الكيان ومخططاته”، فقد عبّر عن هذه المقاومة «رامي مخلوف»، أحد أعمدة النظام المجرم، بالقول إنه «لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا»، وذلك في حوار له مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عام 2011.

وعلى المصطبة الأخرى من مسرح الكذب، شدد عبد اللهيان على «وجوب وقف الإبادة الجماعية والجرائم الأمريكية الإسرائيلية المشتركة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غـزة، ورفض مخططات الكيان الصهيوني لتهجير الشعب الفلسطيني قسرياً من القطاع والضفة الغربية».

وهذا ما ينطبق عليه المثل «شرُّ البليّة ما يُضحك»، إذ إن قائل هذه التصريحات هو وزير خارجية إيران، التي شاركت مع نظام الأسد في إبادة المسلمين في سوريا، وتهجير نصف أهلها من ديارهم، وتوطين عناصر ميليشياتها في منازل المهجّرين، كما حصل -ولا زال يحصل- في دمشق وحمص وحلب وغيرها من المدن؛ بل إن الأقذر من ذلك هو أن إيران ملأت أسماع العالم طيلة السنوات الفائتة بالحديث عن «تدمير إسرائيل» و«مسح تل أبيب»، وحينما قرعت قارعة الحرب بعملية طوفان الأقصى، نكصت على عقبيها، وأعلنت براءتها من العملية، وأكدت أن موقفها هو عدم توسيع الحرب، وهو ذاته موقف الولايات المتحدة.

نعم لا غرابة من تطابق موقف طهران مع موقف واشنطن، فإن إيران تدور في الفلك الأميركي وتنفّذ مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، كما أن نظام الأسد لا يتوانى بدوره عن خدمة أميركا، فهو يُعد من عملائها المبرَّزين، وهذا ما جعلها تدافع عنه بقضّها وقضيضها ضد الثورة السورية حتى منعت سقوطه، رغم الدعاية الإعلامية التي تزعم معارضة الولايات المتحدة للنظام!

إن الأنظمة في العالم الإسلامي مردت على الكذب، لكنّ الأحداث العِظام التي مرّت بها الأمة، تحديداً منذ اندلاع شرارة الثورات، وتطوّر وعي الشعوب، وظهور الإعلام البديل (وسائل التواصل الاجتماعي) أوصد باب العقول أمام أكاذيب هذه الأنظمة الخائنة، وجعل الشعوب تَعتبر حديث الحكومات عن المقاومة والشرف والقيم بمنزلة “النكت غير المضحكة”.

أحمد سعد فتال/ ناشط سياسي.

منتدى قضايا الثورة

أحمد سعد فتال

ناشط سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى