بحوث ودراسات

أسامة شحادة يكتب: أفكار لنصرة الأقصى والقدس والمقدسيين

مئات من المستوطنين والمتطرفين اليهود أدوا صلاة تلمودية عند باب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى، وشرطة الاحتلال تواصل الاعتداء على المرابطين في منطقة باب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى واعتقلت عددا منهم.

وتأتي هذه الاقتحامات في ثالث أيام ما يسمى «عيد العُرش اليهودي»، وسط حراسة أمنية مشددة من قوات الاحتلال، حيث تنتشرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى، وتفرض قيودًا على دخول المصلين الفلسطينيين.

ويأتي ذلك في ظل قيام عشرات المستوطنين باقتحام باحات الأقصى على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة وأدوا طقوسا تلمودية في باحاته.

ويتجول آخرون في أزقة البلدة القديمة من القدس المحتلة، مؤدين طقوسا تلمودية عند أبواب الأقصى، وتحديدا عند بابي السلسلة والقطانين.

هذا فضلا عن قيام880 مستوطنا باقتحام الأقصى على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة، مؤدين طقوسا تلمودية حاملين «قرابين نباتية» من سعف النخيل، بعد نجاحهم في إدخالها، فيما ارتدى آخرون «لباس الكهنة» الديني.

وكانت جماعات يمينية إسرائيلية دعت لتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى خلال فترة عيد «العُرش» (السوكوت بالعبرية) اليهودي الذي بدأ الأحد ويستمر حتى 7 أكتوبر الجاري.

وعيد «العُرش» هو المناسبة الثالثة ضمن موسم الأعياد اليهودية هذا العام، ويأتي بعد رأس السنة العبرية الجديدة، و«يوم الغفران».

التحايل والخداع والتلاعب

فمن صفات اليهود التحايل والخداع والتلاعب، وقد بيّن لنا الله عز وجل حقيقة صفات اليهود فقال تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سُجّداً وقولوا حِطّة نغفرْ لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين * فبدّل الذين ظلموا قولا غيرَ الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظَلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} (البقرة: 58-59)

هذه هي طريقتهم في التعامل مع أوامر الله عز وجل بالاستكبار والإعراض عن طاعته واتّباع أمره في قول كلمة (حِطّة) أي حطّ عنا ذنوبنا، فحرفوها إلى حنطة! وبدلاً من الدخول ساجدين، أي خاضعين، دخلوا بأدبارهم! مما يكشف عن ماديتهم وجشعهم وسوء أدبهم وخلقهم.

ومَن كانت هذه طريقته مع ربّه وخالقه، فلن نستغرب منه قلة الأدب والوقاحة مع عباد الله، والتلاعب والتحايل في أي اتفاق أو صفقة معهم، ولذلك فإن التعامل الراقي والمحترم مع هؤلاء الشرذمة لا يفيد ولا ينفع، بل لا يصلح معهم إلا القوة والحزم والمكاشفة للجمهور بما تم التوصل إليه من اتفاق معهم لقطع الطريق على تحايلهم وخداعهم وبثّهم للشائعات والأكاذيب، وعند ممارستهم للتزوير والخداع يلزم عاجلاً فضح أكاذيبهم والردّ عليهم بكل جديّة وتعرية أخلاقهم، وللأسف فإن هزال الإعلام الرسمي العربي يشكل مورد قوة يهودية كبيرة!!

وكنّا في مقال سابق قد طرحنا فكرة عملية لنصرة الأقصى والقدس والمقدسيين تتمحور حول إقامة توأمة بين تجار القدس ونظرائهم في العالم الإسلامي، وفي هذا المقال أفكار جديدة للأفراد والهيئات الشعبية للوقوف في وجه عدوان اليهود وتحايلهم وخداعهم، وفي ظنى أن نصرة القدس وأهلها بالخصوص، وفلسطين وأهلها بالعموم،

تقوم على المحاور التالية:

1- تثبيت أهل القدس وأهل فلسطين في أرضهم ودعم صمودهم في وجه مؤامرات التهجير والترحيل.

2- توعية عموم الأمة الإسلامية بمكانة الأقصى والقدس وفلسطين، وبُعدها العقائدي والإيماني والواجب الشرعي تجاهها.

3- فضح الجرائم الإرهابية اليهودية ضد الأقصى والفلسطينيين بكل لغات العالم، وعلى كافة المستويات.

4- تجييش كل الشرفاء في العالم ضد إرهاب اليهود وعدوانهم، خاصة ضد الأقصى، على غرار حملة (BDS) العالمية التي أقلقت اليهود.

ولخدمة هذه المحاور أقدّم هذه المقترحات لنخطو بإيجابية في نصرة الأقصى والمقدسيين:

1- استثمار السياحة الإسلامية والعالمية للقدس:

لقد استخدم اليهود وأنصارهم من الإنجيليين المتعصّبين السياحة إلى فلسطين لترويج دعايتهم الصهيونية بحقهم المزعوم فيها، وشحنوا عبر هذه الرحلات السياحية مئات الألوف في الغرب من الساسة والإعلاميين والشباب خلف دعم دولة اليهود وبقائها.

واليوم علينا نحن أن نوظّف السياحة الإسلامية من بعض الدول كتركيا والمسلمين من حملة الجنسيات الغربية والفلسطينيين في المهاجر لدعم صمود أهل القدس وفلسطين.

كما علينا أن نجتهد على السياح غير المسلمين القادمين للقدس ليتعرفوا على حقيقة العدوان والإرهاب اليهودي على الأقصى والمقدسيين، ويمكن فعل ذلك من خلال:

– حملات دعائية وتوعية بلغات ووسائل متعددة لدور وأهمية السياحة في القدس بغرض دعم أهلها والتعرف على قضيتها، وأن ما تنفقه هناك في سياحتك هو مساهمة فاعلة في صدّ مؤامرات اليهود على الأقصى والقدس والمقدسيين. 

– إعداد برامج سياحية وخرائط سياحية بعدة لغات للتعرف على القدس الحقيقية وكنوزها التاريخية وحياتها الحقيقية، تشمل المواقع التاريخية الصحيحة وعادات وكنوز وفلكلور القدس في الطعام والحرف والملابس، والفنادق والمطاعم العربية.

– تنفيذ لوحات تعريفية مصورة ومكتوبة وناطقة بعدة لغات عند المواقع التاريخية لنشر المعرفة السليمة بحقيقة القدس والأقصى والمقدسيين ونشر الرواية الفلسطينية في العالم.

– قيام المؤسسات الفلسطينية والإسلامية في الخارج، وخاصة في أوربا، بعمل برامج دعاية وسياحة للقدس تستهدف الجمهور الغربي ليستمتع بالقدس ويتعرف على حقيقة قضيّتها.

– إطلاق مواقع إلكترونية خاصة بالقدس بعدة لغات تعرض قضية القدس وتاريخها والعدوان اليهودي عليها، والمضايقات التي يتعرض لها المقدسيون من الحكومة اليهودية وقطعان المستوطنين الإرهابيين، وخريطتها السياحية ومنتجاتها المتميزة.

– تأهيل مؤسسات ومتاجر القدس العربية للتعامل الأفضل مع السياح من قبل جهات داخلية وخارجية، بتطوير المنتجات المقدسية التذكارية، وتطوير الخدمات الفندقية وقطاع الطعام، لتصبح سياحة ممتعة وجذابة وتنافس السياحة اليهودية.

– قيام بعض الدول أو الجهات التي لها تعامل مع دولة اليهود باستيراد منتجات مقدسية وعرضها للجمهور في بلادهم كنوع من الدعم للاقتصاد المقدسي ليبقى المقدسيون صامدين في حماية القبلة الأولى للمسلمين.

– تشجيع الشبان على لبس ملابس تحمل شعارات وصورا مقدسية كالمسجد الأقصى، ليبقى حاضرا في القلوب وتراه العيون في كل مكان.

إن حسن استغلال أداة السياحة للقدس سيكون له آثار إيجابية عديدة منها:

– دعم اقتصاد المقدسيين وتطوير مؤسساتهم وترسيخ بقائهم وصمودهم، فلو صرف كل سائح للقدس 100 دولار فيها على الأقل لكان لذلك أثر كبير على ازدهار حياة المقدسيين مما يثبّتهم في القدس كطليعة الحراسة والدفاع عن المقدسات في وجه إرهاب اليهود الدواعش.

– إذا توفرت في القدس مؤسسات ومنتجات ووسائل ثقافية تشرح تاريخ القدس والأقصى وتفضح إرهاب وجرائم اليهود بمختلف الوسائل واللغات وبطرق إبداعية لتمكنّا من نشر ثقافة مقدسية مقاوِمة في كل أنحاء العالم عبر السياح للقدس، وسيكون لنا سفراء شعبيون يحملون همّنا، وهذا سيشكل ضغطا كبيرا على اليهود المعتدين، على غرار تأثير حملة (BDS) العالمية.

– إن قدوم السياح إلى القدس من جنسيات مختلفة وبأعداد كبيرة سيحدّ من عدوان اليهود على المقدسيين على المدى البعيد، وسيكون لتواجد الكثير منهم في المسجد للصلاة عامل حماية له، كما أن الاعتداء عليهم سيُحرج اليهود مع دولهم، خاصة الغربية منها.

أسامة شحادة

كاتب وباحث في شئون الفرق والجماعات الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى