وسّعت إسرائيل، من عملية “السور الحديدي” في مدينة ومخيم جنين، لتشمل مخيمات مدينة طولكرم، حيث تتخذ العملية في المدينتين طابعا تدميريا، تعمد فيه إسرائيل إلى تدمير المنازل وتغيير جغرافيا المخيمات التي تقتحمها.
وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، تواصلت عمليات نسف المنازل في أطراف مخيم جنين، وهدمها بالجرافات المجنزرة، بهدف إحداث وتوسيع طرق إلى عمق المخيم، أما في الشوارع الواسعة نسبيا فعمد جنود الاحتلال إلى إشعال النار في المنازل وإحراقها بشكل كامل.
وتكشف الصور الدمار الهائل في الأحياء والشوارع التي وصلتها جرافات الاحتلال، ويقول الأهالي إنهم واجهوا صعوبة في التعرف على بعض المنازل، وفي مناطق أخرى كساحة المخيم، بدا الأمر كأن زلزالا ضرب المنطقة.
حاول الأهالي الوصول إلى منازلهم في الجهة الغربية من المخيم، بعد ورود أخبار عن انسحاب قوات الاحتلال منها، لكن كان الدمار في كل مكان، وما يجري بمثابة النكبة الجديدة.
يقول السكان إن الجيش الإسرائيلي بدأ بالدخول إلى المخيم من حي إلى آخر، وهو ما استدعى تدمير أحياء للوصول إلى أحياء أخرى، وإن المسيّرات الإسرائيلية لا تفارق سماء المخيم، حيث تلقي القنابل على المنازل وفي الشوارع.
بدأ الاحتلال بإدخال معدات أصغر حجما من الجرافات، ويطلق عليها اسم “Bob cut”، وتستخدم لفتح الطرقات وتسهيل الحركة عليها.
وتشير المعطيات إلى أن قوات الاحتلال دمرت أكثر من 100 منزل ومنشأة حتى الآن، كان آخرها هدم مسجد حمزة في شارع مهيوب في عمق المخيم، إضافة لتدمير البنية التحتية بشكل كامل، وتهجير أكثر من 90% من السكان.
و استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، إقدام قوات الاحتلال على هدم المسجد، معتبرةً أن هذا العمل يعد اعتداءً صارخا على المقدسات الإسلامية، وانتهاكا واضحا لكل القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حماية دور العبادة.
ونشر جيش الاحتلال مقاطع مصورة تظهر تفجير منازل المواطنين في مخيم جنين، ويعلق الأهالي بأن ما يحدث يشبه عمليات النسف التي نفذها الجيش بمربعات سكنية ومنازل في قطاع غزة.
وبحسب سكان مخيم جنين، فإن بيئة المخيم أصبحت في السنوات الثلاث الأخيرة مزعجة للاحتلال، خاصة بعد احتضانها عددا من المقاومين، لذا بدأ الاحتلال عمليات عسكرية لهدم المخيمات بهدف التخلص من المقاومة المتمركزة فيها.
وبينما انطلقت دعوات لاعتبار مخيم جنين منطقة منكوبة، توسعت إسرائيل في تدميرها إلى مخيم طولكرم وسط المدينة، شمال الضفة الغربية، حيث أخلى جنود الاحتلال سكان المخيم بعد إجبارهم على ترك منازلهم ليلاً، لتبدأ الجرافات العسكرية عمليات الهدم والحرق.
معاناة متنقلة
وبحسب أهالي مخيم طولكرم، فإن قوات الاحتلال تحاصر البيوت وتجبر الناس على النزوح منها، تمهيدا لهدمها، كما حدث في مخيم جنين، حيث أُجبر الناس على التحرك من المخيم باتجاه واحد، وهو طريق محاذٍ للمستشفى إلى وسط مدينة جنين، ومنه خرج الناس باتجاه ضواحي المدينة والقرى.
يقول أهالي طولكرم إن عملية الإخلاء السريعة هذه تأتي تمهيدا للهدم، “فجرافات الاحتلال دمرت الشوارع وشبكات المياه والصرف الصحي، التي لم تكن مؤهلة أصلا منذ الاقتحامات السابقة للمخيم، لكن هدم المنازل وإحراقها يعني إفراغ المخيم للتخلص منه”.
“كل هذا هو ضمن مشروع احتلال الضفة الذي بدأته إسرائيل بعد الحرب على غزة، المخيم الآن بيئة طاردة للسكان، كل وسائل الحياة العادية مدمرة فيه، وأخيرا ستقوم إسرائيل بهدم منازلهم وإحراقها”بحسب الأهالي.