مقالات

إياد العطية يكتب: المجوس والعرب

معان من كتاب: «الدولة البويهية في العراق من النشأة إلى السقوط»

كان الفرس المجوس قديمًا يحتلون مناطق كثيرة من الكرة الأرضية، ومنها أراض العراق، حتى جعلوا من مدينة المدائن جنوب بغداد عاصمة لدولة فارس.

كانت وما زالت إيران المجوسية تعتبر نفسها طبقة أعلى، وأشرف، وأنبل من العرب، لأنها استعبدتهم قديمًا وأذلتهم لدرجة أنها تستحقرهم، وتأنف منهم، بل وتستنكف حتى قتالهم.

وإذا ما تمردت عليهم بعض قبائل العرب قديمًا، أرسلوا إليها قبائل عربية موالية تقاتلهم! كما يحصل اليوم عندما تزج إيران بأبناء عمومتنا من العرب الشيعة وقودًا لحربها ضد المسلمين في غالب بلدان المنطقة.

ما زال المجوس وإلى يومنا هذا يعاملون العرب بنفس الأنفة، ويستخدمون معهم نفس التكتيك القديم.

فالفارسي اليوم أي كان دينه، أو مشربه، أو مذهبه، أو قوميته مقدم على الشيعي العربي, شريكهم في العقيدة والمنهج.

 إيران اليوم هي امتداد لإمبراطورية فارس قديمًا هي التي أعلنت حربها على المسلمين أولًا،

وعلى العرب ثانيًا، حتى رسخت عقيدة منحرفة في صدور الشيعة، وجعلت غالبهم غلاة تكفيريون، بعد أن كفرت غالب الصحابة، وطعنت في ثوابت الإسلام.

وما زالت إيران المجوسية هدفها الرئيسي في المنطقة هو إعادة الإمبراطورية الفارسية على جماجم العرب،

وما التشيع إلا مطية ووسيلة، ولم يكن أبدًا هدف استراتيجي أخيرًا لها،

كان ذلك واضحًا في منهجها الذي يرمي بكل عربي، سني كان أو شعي في نار حربها ضد المسلمين.

كل الحركات الفكرية المنحرفة التي ظهرت عبر التاريخ الإسلامي كان مصدرها من بلاد فارس مثل: القرامطة.

البويهيون.

الحشاشون.

الباطنيون.

وغيرهم كثير …

الدولة البويهية

كانت أخطرها الدولة البويهية التي ظهرت في بدايات القرن الثالث الهجري، وسيطرت على مفاصل الدولة العباسية في العراق،

وصادرت حق الخلفاء العباسيين في الخلافة والحكم، وأصبح الخليفة في عهدهم لا يملك سلطة إلا على جواريه، وخدمه وما هو داخل قصره.

وكادت الدولة البويهية أن تحول الخلافة الإسلامية من العباسيين العرب في بغداد، إلى الفاطميين في مصر الذين انتسبوا لأهل البيت من ولد علي بن أبي طالب زورًا وبهتانًا.

وحقيقة أصولهم من الدياصنة المجوس، وكانت غاية بني بويه من تحويل الخلافة لهم،

هو إعادة السيادة والرئاسة إلى الفرس المجوس بثوب إسلامي،

وكان الضابط والدافع بهم، أن يعيدوا الحكم والسلطة على الأرض إلى الفرس المجوس وأن كان بثوب إسلامي!

الصراع بين العرب وإيران المجوس اليوم ليس وليد اللحظة أو المرحلة بل هو امتداد لتلك الحقبة الزمنية التي ثار بها المسلمون

وأسقطوا امبراطورية فارس في العراق، واجلوهم إلى ما وراء النهر، ثم فتحوا بلاد فارس، وأخمدوا نار مجوسهم على الأرض.

الصراع بين المسلمين والمجوس بدأ منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، واستمر ولم ينقطع إلى يومنا هذا،

وهو المحرك الرئيسي لهجمتهم المسعورة ضد الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.

وما زالت إيران المجوس تعتقد أن لها حقًا تاريخيًا ودينيًا في العراق، وتعتقد يقينًا أن العراق وأرضه وأهله ملك لبلاد فارس،

ولابد من استعادته، وضمه إليها من جديد، وجعله عاصمة لدولتهم المنشودة.

المرحلة التي ظهرت فيها الدولة البويهية، وفرضت سيطرتها على العالم الإسلامي بعد فرض نفوذها على بغداد مقر حكم الخلافة العباسية،

شكلت انعطافة خطيرة في تاريخ الأمة الإسلامية، ما زالت الأمة تعاني منها إلى يومنا هذا.

خرجت هذه القوة من إيران بفكر فارسي، مجوسي، باطني، مغلف بحب مذهب أهل البيت والدفاع عنه وعن اتباعه.

لذا نعتبر مرحلتهم هي بداية الانحراف الفكري الذي سعى لتشكيل دولة تهدف للقضاء على الخلافة الإسلامية وتنهي ترأس العرب القريشيون عليها.

إياد العطية

كاتب وباحث في شؤون الأمة ومهتم بتاريخها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى