الأمة/ لم يكن الأمر مصادفة حرمان الروهينجا من الجنسية،فإنَّ حقوق الإنسان الخاصة بهم يتم تجاهلها على العموم من قِبل الدول التي تبدي حرصاً إما لدعم الإصلاح في بورما أو لإعادة اللاجئين الذين فرّوا إلى شواطئها،من أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم..جريمتهم انهم اقلية مسلمة .
الروهينجا وهي أقلية مسلمة عددها نحو مليون نسمة ويعيشون في ولاية راخين الساحلية الغربية وهم محرومون من الجنسية وملكية الأراضي والتصويت والسفر ويعانون العبودية على يد الجيش وقد هرب مئات الآلاف منهم لتايلاند وبنغلاديش التي يرتبطون بها عرقيا ولكنهم يجبرون عادة على العودة.
عندما حدثت الأزمة الحالية في ولاية راخين في بورما على خلفية عملية الإصلاح الديموقراطية في بورما التي لقيت ترحيباً كبيراً مع أنها ما زالت هشَّة. وقد بدأت الأزمة بانتخابات عام 2010. وأثبت التضافر بين تمييز عنصري عام وحكومة غير تحررية منبثقة عن الجيش تسعى إلى كسب الدعم الداخلي والشرعية الديموقراطية على أنه سم زعاف يقضي على حقوق الروهينجا معدومي الجنسية في بورما.
أزمة الجنسية
أزمة إنسانية تتعرض لها أقلية الروهينغا في ميانمار (بورما) منذ إستقلال الدولة عام 1948، بسبب سياسات الإقصاء، تعرضت الروهينجا للتهميش والاضطهاد المنهجي والحرمان من الحقوق الأساسية وكذا الإساءة وسوء المعاملة، أين تم اقصاء هذه الفئة عمدا من طرف حكومتهم على الرغم من إمكانية هذه الاثنية او معظم الروهينجا من تتبع اسلافهم، على الأقل، الى الفترة الاستعمارية، لكن مصادرة وثائقهم والافتقار الى الأوراق الكافية قاد الى عدم الاعتراف بالأغلبية العظمى كمواطنين، بحيث لم يخضع الروهنجا لاية قوانين (كقانون الأجانب الهندي1846 [Indian Act III] وقانون تسجيل الأجانب Burma Act VII لعام 1940، وقانون تسجيل الأجانب لعام 1948 المتعلق بتسجيلهم قبل او بعد الاستقلال.
حقوق الروهينجا المنسيّة
لقد تجاهل قانون الجنسية لعام 1982 في ميانمار حق الروهينجا في الجنسية معتبراً إياهم معدومي الجنسية فوضع بذلك القاعدة القانونية التي تسمح بالمعاملة التعسفية والتمييزية ضد مجتمع الروهينجا بل جعلهم عرضة لسلسلة من السياسات والضوابط الجائرة .
وفي يونيو/حزيران 2012، نتج عن العنف واسع النطاق ضد الروهينجا، وهي أقلية إثنية مسلمة معدومة الجنسية تتألف من حوالي مليون شخص، فيما يُقدّر بآلاف الوفيات ونزوح أكثر من 100000 شخص قسراً وحرق وتدمير المنازل والممتلكات في جميع أنحاء ولاية راخين .
وما زالت أعمال العنف والاعتقالات التعسفية مستمرة بحق رجال الروهينجا الذين يُؤخذون إلى أماكن غير معروفة، وما زالوا يتعرضون للتعذيب ويواجهون الموت في السجن.
التهجير القسري للروهينجا
ومنذ يونيو/حزيران، عُزِل اللروهينجا بشكل كبير عن باقي السكان من أجل إنشاء مناطق “خالية من المسلمين”، فمات بعضهم حرقاً أثناء عمليات تدمير منازلهم وممتلكاتهم، والبعض الأخر نقلته القوات الحكومية إلى مخيمات النازحين داخلياً. وبما أنَّ السكان المنقولين بقوة رجال الأمن كانوا من المسلمين دون غيرهم فإنَّ تهجيرهم بهذه الطريقة يعد تمييزاً وليس حمايةً.
أما بالنسبة لمن لم يُهجّروا، فقد قُطعت عنهم أرزاقهم وباتوا يواجهون صعوبة في الحصول على الطعام والخدمات الأساسية. ونجم عن تصاعد أعمال العنف في شهر أكتوبر/تشرين الأول، والتي استهدفت اللروهينجا والأقليات المسلمة الأخرى في ولاية راخين في تدمير المناطق المسلمة كلياً وجزئياً وتهجير أكثر من 36000 شخص .
ونظراً لقطع أرازقهم ومصادر دخلهم وعدم استطاعتهم الذهاب إلى الأسواق والمستشفيات والمدارس وعجزهم عن الحصول على المساعدات الإغاثية، يواجه مئات الآلاف من اللروهينجا الكارثة .
انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة ضد اللروهينجا
بل إنَّ الحكومة تُحكم سيطرتها المشددة على الوكالات الدولية العاملة في شمال ولاية راخين ولا تترك لها إلا قليلاً من الحرية للمشاركة في حملات كسب التأييد العامة نيابة عن السكان المتأثرين، ناهيك عن إثارة قضايا حقوق الإنسان.
لكنَّ الأحداث التي وقعت مؤخراً في ولاية راخين لا يمكن النظر إليها بمعزل عن باقي الأحداث إذ إنَّ لقوات الشرطة البورمية تاريخاً حافلاً بالتمييز العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة ضد اللروهينجا.
وقد تسببت ملاحظات رئيس الدولة ثين شين في يوليو/تموز 2012 في إثارة الغضب داخل مجتمع حقوق الإنسان الدولي إذ قال إنَّ “الحل الوحيد” لمشكلات ولاية راخين هو إرساال اللروهينجا معدومي الجنسية إلى دول ثالثة أو احتوائهم في المخيمات التي تديرها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وعلى الرغم من هذا الغضب، يبقى اللروهينجا البالغ عددهم 110000 شخص يرزحون تحت ظروف متردية في مخيمات النازحين داخلياً دون أن تلوح في الأفق أي بادرة للسماح لهم أو مساعدتهم في العودة إلى مجتمعاتهم الأصلية أو مواصلة حياتهم السابقة.
وقد سارعت الدول التي لجأ إليها اللروهينجا على مدار السنوات إلى إدانة أحداث العنف والاضطهاد الأخيرة، لكنها توانت في الاعتراف بحقوق اللروهينجا اللاجئين معدومي الجنسية ضمن أراضيها. فبنغلاديش، على سبيل المثال، أعادت آلافاً من اللروهينجا الوافدين الجدد وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى حوالي 300000 لاجئ غير معترف به من اللروهينجا ممن يعيشون في بنغلاديش. أما مناقشات “الحلول الإقليمية” فلم تركز حتى الآن إلا على التغلب على مشكلة إعادة اللروهينجا إلى بورما، لكنَّ الدول المستقبلة إن أرادت إثبات التزاماتها بحماية اللروهينجا فالأفضل أن تثبت ذلك من خلال العمل معاً على حماية حقوق اللروهينجا داخل أراضيها.
ومن ناحية أخرى، توارت إدانة الدول الغربية وراء مدحها للإصلاحات الواسعة في بورما، ذلك أنَّ الغرب كافأ حكومة بورما على الخطوات التي اتخذتها حيال الإصلاح الديموقراطي من خلال تخفيف العقوبات وزيادة الاستثمارات. إلا أن إخفاق المجتمع الدولي في استخدام نفوذه على الدولة البورمية لضمان حماية حقوق اللروهينجا وغيرهم من السكان المستضعفين في بورما والاعتراف بحقوقهم قد يفاقم التوابع على كل من الديموقراطية والاستقرار في بورما.
وضمن محور الحفاظ على الأمن والاستقرار ضد ما تنظر إليه الحكومة البورمية على أنه تهديدات للأمن الداخلي والمقصود في هذه الحالة العناصر المتطرفة من اللروهينجا المسلمين وردود الفعل المعادية لما يُسمى بالعنف “المجتمعي” ضدهم، تسعى الحكومة إلى إضفاء الشرعية على الدور الرئيسي والمستمر للقوات المسلحة في السياسة. ويَضيع في طريقة الطرح هذه حقيقة مفادها أنَّ قوات الجيش أو عناصر الأمن الذين ينتهكون الحقوق الإنسانية لللروهينجا على مدى عقود من الزمن هي التي قد تكون الأكثر حاجة للإصلاح.