سلايدرمقالات

السيد التيجاني يكتب.. حلم المنبع وكابوس المصب

لا أحد ينكر أنه بإقامة سد علي النيل الأزرق يخالف اتفاقية ١٩٠٢، والتي ألزمت اثيوبيا بعدم إقامة أي سدود على شريان الحياة لدولتي المصب مصر والسودان، مقابل ضم إقليم بني شنقول السوداني إلي الأراضي الأثيوبية.

وعليه فإن إنشاء سد النهضة في منطقة بني شنقول يعد خروج قسري من الإتفاقية التي استمرت لعقود بمباركة وإلزام أممي، كما يعطي الحق للسودان بالمطالبة بالوقف الفوري للملء الثاني، وعودة الإقليم بما فيه السد لأراضيها.

 وبذلك ستتغير المواقف الدولية والاممية، ومن ثم فإن تدخل مجلس الأمن يصبح فرض لحل نزاع قائم علي الإقليم.. فتغير النتائج تأتي بتغيير المعطيات إذا صدقت النوايا وطالما أن النوايا الأثيوبية تغيرت من كون السد تنموي إلي سد سياسي عدائي، هدفه تقزيم مصر ودورها الإقليمي في المنطقة، وتعظيم دور الكيان الصهيوني، وهذا أصبح واضحاً لا تخطئه عين ولا منطق.

فعلي دولتي المصب الانسحاب من هذا الاتفاق الغير مُلزم، والذي دُبر بليل بهدف الهيمنة علي دولتي المصب، وبيع المياه.. الحلم الجديد القديم والذي ما كان يجب ألا يكون والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل تحتاج اثيوبيا لتوليد الكهرباء.. ولماذا في هذه المنطقة بالذات؟!! رغم وجود مناطق عديدة تصلح لإقامة سدود عليها، وتوليد اضعاف ما تربو إليه.

إلا أنه” تحت الجسر تجري مياه كثيرة خبيثة” وسببه أننا تركنا أفريقيا مرتعاً لمخططات مُعدة سلفا لنقل البوابة الأفريقية من مصر لإثيوبيا والتحكم بقراراتنا من خلال “الحنفية”.

غير أن اثيوبيا تسعي أيضا لتقاسم مياة النيل الأزرق والذي يبلغ حوالي٥٥ مليار متر هي حصة مصر الأساسية، والتي لا تكفي لسد حاجاتها الزراعية والصناعية، رغم أنها تمتلك حصة سنوية تتخطي ال ٩٥٠مليار متر مكعب من الأمطار علي أراضيها!!.

في بداية الأمر كان الحلم الاثيوبي إقامة سد علي النيل الأزرق يحتجز ١٤ مليار متر مكعب مياة، وفجأة في خضم تقلبات المشهد لدولتي المصب تغير الحلم الذي ظل يتنامي حتي وصل للطمع، في زيادة كمية المياه أمام السد ل٧٤ مليار، ولم يتم تعديل الإنشاءات التي تتحمل هذا الكم من المياه، والذي يعتلي العاصمة الخرطوم بارتفاع ٣٥٠متر تقريبا ليصبح الحلم الاثيوبي كابوساً يهدد بفناء مصر والسودان، حال انهياره أو محط ابتزاز بعض الدول والتلويح بضربه !!.

هذا بجانب المساعي الأثيوبية لإنشاء ثلاثة سدود أخري علي النيل الأزرق وهي سدود “كارداوبة”، و”بيكو أبو”، و”مندايا”، تحتجز ٢٠٠ مليار متر مكعب تقريباً، مما يدلل علي النوايا الخفية لها ومن يساندها من القوي الخارجية، وعلي رأسها الكيان الصهيوني المغتصب، لتركيع وخنق مصر، وهذا مخطط وحلم قديم لا يخفي على احد.

من جانب أخر المجتمع الدولي لا يحترم إلا للغة القوة، كما أن الدول المعارضة لضرب السد لها مصالح مشتركة مع مصر تحرص عليها خاصة وان الدفاع هنا عن حق مشروع يتفق مع مبادئ القانون الدولي.. علينا إفساد المؤامرة التي تحاك بنا حال صدقت نوايانا.

وعلي ما سبق فإن أي ضريبة تتحملها مصر والسودان، نظير عدم وجود القنبلة المائية الموقوتة، لاتذكر أمام الخطر الوجودي، الذي يُقلق بل ويُرعب ويهدد قرابة ال١٥٠ مليون مصري وسوداني عطشا أو غرقا، وكفانا ضجيج بلا طحين.

اللهم بلغت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights